النجم دي نيرو بمراكش: "ترامب".. الدور الذي لن ألعبه أبدا
نزار الفراوي-مراكش
قد يبدو الأمر مستغربا على ضوء مسيرة دي نيرو الذي أدى أدوار الخير، لكنه أبدع بذات القدر في تقمص شخصيات شريرة يدفعها إلى حدود قصوى غير عابئ بردود فعل شريحة من الجمهور.
ويرد الممثل على التساؤل بوضوح "مع كل الشخصيات -حتى الشريرة منها- أستطيع العثور على نقطة تعاطف معها على شيء يصنع إنسانيتها، مع ترامب لا أستطيع".
وبروح دعابة يواصل دي نيرو خلال لقائه اليوم الأحد مع الصحافة قائلا "لا تعتقدوا أني لا أحاول، بلى، أحاول كل يوم العثور على نقطة تعاطف إنساني مع ترامب بدون جدوى".
والحال أن رفيق دربه المخرج مارتن سكورسيزي يستعيد مسار صداقة فنية وإنسانية بلغت 45 عاما لعب خلالها دي نيرو كل أنواع الاختلالات النفسية بتألق وتمكن، لقد كان يجذب المشاهد إلى الإنسان الذي يسكن الوحش.
أمسية استثنائية صنعها النجم السينمائي الأميركي روبرت دي نيرو وهو يتسلم مساء أمس السبت من رفيق دربه المخرج مارتن سكورسيزي النجمة الذهبية لمهرجان مراكش الدولي للفيلم تكريما لمسار لامع يواصله الممثل الذي هاجم النزعة القومية المتشددة التي تشهدها الولايات المتحدة، في إشارة إلى الشخصية التي ينبذها علنا الرئيس دونالد ترامب، فعل ذلك بتهذيب أكبر، لكن الرسالة وصلت.
وفي غمار استقبال مؤثر من قبل الضيوف والنجوم الذين وقفوا مصفقين داخل قصر المؤتمرات في مراكش بدا أيقونة فن التمثيل بالنسبة لأجيال من الفنانين وعشاق الفن السابع أكثر انزياحا نحو تكريس الالتزام بإعلاء قيم الإنسانية والتنوع الثقافي، منددا بنزعة قومية متعصبة تجتاح الولايات المتحدة ضدا على تركيبة شعب متعدد الثقافات والأعراق.
هذه النزعة -كما قال "بوب"- تناقض كنه السينما الذي "يجعلنا نحن -الذي جئنا من مختلف بلدان العالم- نلتئم لمشاهدة أفلام من 29 دولة".
ومنذ اعتلاء ترامب رئاسة القوة العظمى خرج دي نيرو إلى صدارة الدفاع عن صورة أميركا المفتوحة والمتسامحة ضد سياسات معاداة الأجانب وإغلاق الحدود أمام المهاجرين والنزعة العسكرية المهددة للسلام العالمي التي اعتنقتها إدارة الرئيس الأميركي.
اكتشف جمهور مراكش وضيوف المهرجان وجها آخر لروبرت دي نيرو الذي طالما عرف بخجله الشديد وتحفظه وحديثه المقتضب، وأمضى النجم العالمي أكثر من عشرين دقيقة وهو يتنقل بين صفوف الحشود التي اصطفت عند مدخل المهرجان مصافحا جمهورا من شرائح مختلفة، ملتقطا " سيلفيات" مع شباب نشأت ثقافة المشاهدة السينمائية لديهم عبر أعماله، وموقعا " أوتوغرافات" برحابة صدر أثنى عليها الجميع.
كان المدعوون في قصر المؤتمرات يتابعون المشهد الخارجي عبر الشاشة الكبرى، حيث بدا المنظمون يستعجلون البروتوكول لاصطحاب النجم إلى مقر احتفالية اعتبرها المتابعون واحدة من أقوى لحظات المهرجان منذ تأسيسه عام 2001 كأن الضيف الكبير فضل الدفء الإنساني التلقائي على الترتيبات الرسمية التي يعرف عنه شعوره بالحرج إزاءها.
الحساسية الإنسانية للنجم العالمي بلغت مداها حين تهدج صوته وتوقف لثوان مغالبا دموعه وهو يستعيد قصة علاقته برفيق دربه سكورسيزي الذي أثمرت شراكتهما روائع خالدة في تاريخ السينما.
وبتواضع مثير اعتبر روبرت أن تعرفه على سكورسيزي من النعم التي حظي بها في حياته، أما سكورسيزي فكشف سر تواصل هذه الشراكة التي يجسدها آخر عمل مشترك في فيلم "الرجل الإيرلندي" وهو الثقة المطلقة.