نساء الصومال يقتحمن عالم الكتابة رغم الصعوبات
قاسم أحمد سهل-مقديشو
ولطالما تمنت الكاتبة الشابة نجح آدم فارح أن تقتحم فن الكتابة وتدون اسمها في قائمة الكتاب الصوماليين وقد تحقق حلمها عام 2013، حيث صدر لها كتابها الأول الذي تناول موضوعا في غاية الأهمية متمثلا في تبيض البشرة للنساء، وهي ظاهرة منتشرة في مختلف مناطق صومالية وتتم باستخدام كريمات وخلطات مستوردة أو معدة يدويا وما يترتب على ذلك من مخاطر صحية، ولاقى هذا الكتاب إعجابا في الوسط الثقافي فتح لها شهية الكتابة، ونشرت لها بعد ذلك ثلاثة كتب أخرى.
وفي حديث للجزيرة نت تؤمن فارح بأن النساء يتمتعن بالموهبة وقدرة الابتكار في مجال الكتابة تماما كالرجال إلا أنهن يفتقدن الجرأة والشجاعة والتحدي جراء المحيط الذي يتحكم به المجتمع الذكوري والذي ينظر إلى المرأة نظرة دونية.
ولاحظت فارح أن حدة هذه النظرة خفت في السنوات الأخيرة، مما أعطى الفرصة للمرأة أن تزاحم الرجل في النشاطات السياسية ومجالات الإبداع، وبينها الكتابة التي برزت فيها المرأة في الآونة الأخيرة كمنافس قوي للرجل، سواء من عرضها أطروحات جديدة أو تقديمها حلولا لبعض المشاكل الاجتماعية.
معارض الكتب
رئيس نادي مسكحشيل للكتاب سلطان نيروس حاجي آدم يقول في حديث للجزيرة نت إن أول كتاب صدر بقلم المرأة الصومالية يعود عام 1973 وتواصل ذلك لغاية عام 1991 الذي انهارت فيه الحكومة العسكرية السابقة واندلعت الحرب الأهلية البلاد فتبخرت كتابات النساء التي كانت تشكل نحو 1% من مجموع الكتاب الصوماليين، حسب تقديره.
غير أن هذه النسبة قفزت إلى 20% في غضون السنوات العشر الأخيرة بفضل معارض الكتب الموسمية التي بدأ نشاطها عام 2007 في الصومال والتي لعبت دورا كبيرا في دفع كثير من النساء لخوض غمار الكتابة مع تركيز كبير على المواضيع المرتبطة بالمرأة والأولاد ورعايتهم والعلاقة الزوجية والمشاكل الاجتماعية كالقبلية والهجرة والقات وغيرها.
ورغم ذلك لا يزال تناول الكاتبات الصوماليات المواضيع السياسية والتاريخ متواضعا وفق آدم الذي يرى أن الدورات التدريبية على قلتها شكلت أيضا رافدا يزود المرأة الطامحة بالمبادئ الأساسية للكتابة والوسائل البحثية والفنية وحافزا للراغبات في الالتحاق بركب الإبداع، وأن معرض مقديشو للكتاب الذي أقيم فيها مؤخرا بين مدى التحسن والزيادة التي طرأت على كتابة المرأة الصومالية كما وكيفا.
ومن خلال عرض 19 كتابا جديدا فيه أنجزتها سيدات، وهو رقم قياسي مقارنة بالمعارض السابقة، فقد اختير منها 11 كتابا تناولت قضايا مختلفة، أهمها كتاب بقلم المؤلفة فرتون كوسو يتحدث على شكل قصة عن أشكال التمييز التي تتعرض لها القبائل الصومالية، وكتاب باللغة العربية للسيدة نستيحة أحمد يتناول هجرة الشباب الصوماليين، والهوس الذي ينتابهم من أجل ترك بلدهم.
ورغم التطور النسبي الذي حصل في كتابة المرأة الصومالية لكن ذلك المشوار لا يخلو من عقبات، من بينها قلة المال ونقص في مصادر المعلومات بسبب غياب المكتبة العامة منذ ما يزيد على 25 عاما، وصعوبة الحصول على المعلومات أحيانا عندما يكون مصدرها رجالا، واستخفاف وعدم قراءة عمل المرأة بعد نشره حتى من قبل بعض المثقفين والكتاب الرجال، وفق الناشطة في حقوق المرأة والكاتبة منى محمد ديرشي.
لكن العائق الأكبر هو ارتفاع نسبة الأمية في صفوف النساء، حيث تبلغ نحو 75% حسب تقديرات المنظمات الأممية أغلبهن في المناطق الريفية التي يعيش فيها نحو 65% من سكان الصومال البالغ عددهم 12 مليون نسمة، أما في مجال السياسة فقد حصلن على 24% من أعضاء مجلسي البرلمان والوزراء.