الآثار اليمنية.. تاريخ ينزف ذاكرته
وفي سؤال وجهته الجزيرة نت لوزير الثقافة عن أسباب هذه المعضلة، أشار عبد الله عويل إلى ضعف التشريعات القانونية في هذا المجال، فالقانون النافذ ضعيف، ولا يوفّر الحد الأدنى للحماية، فهو على سبيل المثال يعاقب من ثبتت إدانته بقضية تهريب بمبلغ عشرة آلاف ريال (أقل من خمسين دولارا، وهي عقوبة غير رادعة وتشجع على تهريب الآثار.
وأشار اليتيم -في حديثه للجزيرة نت- إلى عوامل أسهمت في نظره في ارتفاع وتيرة تهريب الآثار، معتبرا الانفلات الأمني على رأس قائمة هذه العوامل، حيث أتاحت الحالة الأمنية الرخوة لمافيا التهريب جوا مناسبا لتزايد أنشطتها وبجرأة غير مسبوقة، شملت مرافق أثرية في عمق العاصمة صنعاء، وما حدث للمتحف الوطني خير شاهد على ذلك.
كما أن الحالة الاقتصادية المتردية وقلة الوعي بأهمية هذه الكنوز التاريخية يدفعان -بحسب اليتيم- كثيرا من قاطني المواقع الأثرية إلى بيع ما يقع تحت أيديهم من هذه الآثار، والسعي المستمر في الحصول على المزيد منها كمصدر دخل مضمون.
إجراءات جزئية
ولا ينكر رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف عبد الله ثابت العبسي أن الإجراءات الاحترازية في حماية الآثار والمخطوطات المتبعة من قِبَل المؤسسات الرسمية المعنية تنحصر في معظمها على ما في يد هذه المؤسسات منها.
أما تلك الموجودة في المناطق البعيدة فإنها تظل عُرْضة للنهب، بسبب عدم اهتمام السلطات المحلية في المحافظات بحماية المواقع الأثرية، وبسبب قلة أفراد حماية هذه المواقع البعيدين عن إجراءات الضبط الوظيفي بسبب أنهم لا يزالون متعاقدين حتى اليوم.
ويشير العبسي -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن إشكالات أخرى تعاني منها الهيئة، تأتي قلة الموارد في مقدمتها، وكذلك غياب التنسيق مع الإعلام ومنابر التوعية الأخرى في إيجاد ثقافة تراثية تاريخية ترفع من منسوب الوعي بهذه الآثار لدى عامة الناس.
كما أن أنظمة الحماية في المواقع الأثرية إما شبه منعدمة أو أنها لا تزال تقليدية، مما يحتّم على الأجهزة المعنية -وفقا للعبسي- إدخال أنظمة الحماية الإلكترونية الحديثة، وبأسرع وقت ممكن تفاديا لتكرار ما حدث.
ويؤكد مجاهد اليتيم من جانبه أن سرقة الآثار والمخطوطات جريمة كبيرة لأنها تمثل نزيفا حادا للذاكرة التاريخية، وأن تحقيق الحماية الكاملة لهذه الكنوز التاريخية لن يتم إلا عبر وجود قوانين واضحة ومفعلة تجرم الاتجار بالمخطوطات والآثار، وتنزل العقوبات الصارمة في مرتكبي هذه الجرائم، ورصد ميزانية كافية للمؤسسات المعنية، تستطيع من خلالها إدخال أنظمة الحماية الحديثة، والتوثيق الكامل للآثار والمخطوطات، ورصد مبالغ كافية لاقتنائها وهو ما قد يحد من تقويض ذاكرة اليمن.