"حادي التيوس" والاستشراق المضاد
عبر سير الشخصيات الروائية وعلاقتهن بالمجتمع الذكوري العربي الإسلامي تسير الرواية في خط إدانة العقلية العربية وفق رؤية للروائي أمين الزاوي |
نماذج مجتمع
وعبر سير هذه الشخصيات وعلاقتهن بالمجتمع الذكوري العربي الإسلامي تسير الرواية في خط إدانة العقلية العربية وفق رؤية للروائي أمين الزاوي.
تبدو الرواية قائمة على البعد الجنسي انطلاقا من غلافها الذي يحتفي بالسيقان النسائية في أحذيتها ذات الكعوب العالية إلى مشاهدها الجنسية التي تشي بها عناوين فصولها مثل "كتاب المسرات" و"زلال مارتين" و"رضاب كاترين" و"عشيق عبلة أو ناريمان" و"قالت الصغرى"، و"قالت الكبرى" وغيرها.
وكما هو واضح من خلال العناوين تدفع تلك العتبات النصية بالقراءة نحو الانتظارات الأيروتيكية في استلهام للنصوص التراثية من كتب الأحلام وعوالم كتاب الأغاني للأصفهاني والشعر العربي وألف ليلة وليلة وغيرها.
بدت اللغة في هذه الرواية ضعيفة ومرتبكة، وكأن بالروائي يترجم تراكيب فرنسية مثل "صعقت هذا اليوم إذ شاهدت بأم عيني أسعد الحبيب يعتدي على أمي بالضرب الجسدي المباشر"، فلم نسمع من قبل عن الضرب الجسدي غير المباشر.
وحتى اسم الشخصية التونسية بدت غريبة، فقد أطلق عليها اسم أسعد الحبيب، ويقول إن والده سماه باسم الرئيس الحبيب بورقيبة وتركيب الاسم هنا تركيبا فرنسيا، لأن التونسيين يسبقون الاسم على اللقب ككل العرب عكس الفرنسيين.
في النص كم هائل من الأخطاء اللغوية والتركيبية التي تجدر الإشارة إليها، ويمكن للقارئ أن يرصد ذلك من الغلاف الذي ورد فيه خطأ في كتابة العنوان الفرعي فنقرأ "حادي التيوس أو فتنة النفوس إلى عذارى النصارى والمجوس" بدل لعذارى النصارى والمجوس كما في الغلاف الأمامي.
كما ظهرت الكثير من أخطاء الرسم وإصرار الكاتب على محاورة النص الديني والكتب التراثية والثقافة العربية من خلال أمهات الكتب هو الذي يزيد من استفزاز القارئ الذي يقرأ ذلك في لغة مرتبكة.
تثير الرواية الكثير من التساؤل حول دوافع كتابتها وأي جمهور يتوجه إليه أمين الزاوي برواية تهجو الثقافة العربية في استشراق مضاد بلغة عربية مرتبكة وبتخييل متعثر |
السرد المتعثر
بدأت الرواية بنص خبر بصحيفة جزائرية شهيرة سماها الروائي "القروش"، وهو قلب للشروق الصحيفة المعروفة، قلب بدا لا مبرر له، فإما الاحتفاظ بالاسم الأصلي ما دام الخبر صحيحا أو تغيير اسم الصحيفة بما يحفظ للرواية أحد أسسها وهو الإيهام بالواقعية.
بل على العكس من ذلك يواصل الروائي إقحام جمل ضد الفن الروائي نفسه عندما يقول في الصفحة الثالثة من الفصل الأول "… ونحن نبدأ الحكاية التي جذرها في القلب وفرعها في الكذب"، وقد لاحظنا انتقالا فيه قسوة كبيرة من لحظة سردية إلى أخرى، فهذه الرواية يبدو القفز سمة من سماتها، قفز على الأحداث وعلى مشاعر الشخصيات وانتقال مباغت مربك من موضوع إلى آخر.
رواية "حادي التيوس" أرادت أن تقول كل شيء، فحشد فيها الروائي كل المثيرات الممكنة من الجنس إلى الدين و"الإرهاب" والثقافة والأدب والآخر واليهود وتقلبت بين محاولة الأسلوب الشعري والأسلوب البوليسي ورواية التجسس ومحاورة التراث، وجابت الشخصيات بلدان العالم لكي ترتبك في النهاية وتفقد الطريق في زحمة كل تلك الطرق فكانت متكلفة في كل خطوة من خطواتها تؤكد تلك الجملة التي انفلتت من الراوي بأن فرعها في الكذب.
تثير الرواية الكثير من التساؤل حول دوافع كتابتها وأي جمهور يتوجه إليه أمين الزاوي برواية تهجو الثقافة العربية في استشراق مضاد بلغة عربية مرتبكة وبتخييل متعثر.