مدينة طنجة.. الأسطورة أكثر شهرة من الحقيقة
الحسن سرات-طنجة
لمدينة طنجة المغربية تاريخ موغل في القدم غني بالأحداث، تتعايش فيه الأسطورة مع الحقيقة بل تنتصر فيه الأسطورة فتشتهر أكثر من الحقيقة. وتعد مغارة هرقل واحدة من الأساطير التي تجلب الزوار إلى طنجة أكثر من ابن بطوطة أشهر رحالة في تاريخ الإنسانية باعتراف الغربيين.
هرقل و"طنجيس"
تقول الأسطورة الشفوية المتداولة بين الناس بمدينة "طنجة" إنه بعد الطوفان ضلت سفينة نوح الطريق وهي تبحث عن اليابسة، وذات يوم حطت حمامة فوق السفينة وشيء من الوحل في رجليها، فصاح ركاب السفينة "الطين جا.. الطين جا"، أي جاءت الأرض اليابسة، ومن ثم سميت المنطقة "طنجة".
أما الأسطورة الإغريقية فتقول إن "أنتي" كان ابن "بوسيدون" و"غايا"، وكان يهاجم المسافرين فيقتلهم وصنع من جماجمهم معبدا أهداه لأبيه، وأطلق على مملكته اسم زوجته "طنجة" -بكسر الطاء وسكون النون- وكانت تمتد من سبتة إلى "ليكسوس" مدينة التفاحات الذهبية قرب العرائش.
وفي معركة قوية بين هرقل وأنتي استطاع هرقل أن يهزمه، وفي الصراع شقت إحدى ضربات سيفه مضيق البوغاز بين أوروبا والمغرب والمغارات المشهورة باسمه، ثم تزوج بعد ذلك زوجة أنتي، فأنجبت له سوفوكس الذي أنشأ مستعمرة "طنجيس".
تهديد الآثار
واليوم يرتاد المغارة زوار طنجة، كما أن بعض المنشآت السياحية الشعبية والراقية بنيت حول المغارة، ولكن هناك مخاوف من تهديد تلك المنشآت لسلامة المغارة.
وأوضح أحد علماء طنجة ونائب برلماني عن المدينة في ولايتين سابقتين عبد الله أشبابو للجزيرة نت أنه سبق له أن وجه مذكرة لوزارة الثقافة ووزارة السياحة حول عدد من "الكنوز التراثية التي تزخر بها طنجة ونواحيها، لكن لا حياة لمن تنادي، فالقوم مشغولون بالصفقات والانتخابات والثقافة آخر ما يفكرون فيه".
إهمال ابن بطوطة
في برنامج "زيارة خاصة" بقناة الجزيرة -عبد الهادي التازي.. رحلة عبر التاريخ- ذكر سامي كليب لضيفه الدكتور عبد الهادي التازي أن "90% من الناس لا يعرفون من هو ابن بطوطة".
واعترف كثير من زوار مغارة هرقل للجزيرة نت أنهم لم يزوروا ضريح ابن بطوطة ولا يعرفون أين يوجد.
ابن بطوطة الذي ولد في طنجة عام 1304م لعائلة عرف عنها عملها في القضاء يعد أشهر رجال طنجة وأشهر رحالة في التاريخ برحلة شهيرة دامت ثلاثين عاما و120 ألف كيلومتر، وتوفي عام 1377م.
زار ابن بطوطة شمال أفريقيا وبلدان المشرق العربي وفارس وبلاد الرافدين وآسيا الصغرى، والهند والصين. وفي قصر السلطان المريني ابن عنان (1348-1358م)، كتب أسفاره في كتاب "رحلات ابن بطوطة".
ويقدر الباحثون الأوروبيون هذا الكتاب عاليا باعتباره وثيقة تاريخية مهمة، حسب شهادة مارتن نك. وتقديرا لاستكشافاته أطلق علماء العصر اسم ابن بطوطة على إحدى الفوهات البركانية على سطح القمر.
وأعرب كاتب وأستاذ التاريخ الدكتور محمد جبرون للجزيرة نت عن أسفه لقلة العناية والاهتمام بابن بطوطة من قبل بلدية طنجة والمؤسسات الثقافية الرسمية.
وأوضح جبرون أنه كان من الممكن تحويل ضريح ابن بطوطة إلى معقل ثقافي ومركب سياحي مهم جدا.
وقال "لكننا اليوم صرنا أقزاما بالمقارنة مع أجدادنا فعجزنا عن التعرف عليهم، فبالأحرى التعريف بهم".
وأضاف جبرون أن الخير موجود في المجتمع المدني، إذ إن أحد الشبان من مدينة العرائش ومقيم في بريطانيا، سبق له أن بادر بجولة عالمية شملت البلدان والأماكن التي زارها الرحالة الشهير.