كنيس الغريبة.. أقدم معابد اليهود بأفريقيا

A Tunisian Jew walks in front of the Ghriba Synagogue on April 29, 2010 on the eve of the Jewish annual pilgrimage in Djerba. This week marks the eight anniversary of the suicide bombing that racked this sleepy island resort, desecrating an ancient synagogue and killing 21 people. More than 6,000 Jewish pilgrims are expected including 1,500 Israelis on May 22/23, in a rare pilgrimage to an Arab land.

كنيس الغريبة يعتبر الأكبر والأقدم في أفريقيا، وتحج إليه جموع من اليهود كل عام، وتوجد به أقدم نسخة معروفة من التوراة وفق الروايات اليهودية.

الموقع
يقع في قرية صغيرة تسمى الرياض تبعد عدة كيلومترات عن حومة السوق بجزيرة جربة جنوب شرقي تونس، ويحظى بمكانة خاصة عند اليهود.

التاريخ
تختلف الروايات التاريخية، وتزعم بعضها أن يهوديةً قدمت إلى جربة واستقر بها الحال في مكان كنيس الغريبة الآن، وعرفت هذه المرأة بالكرامات فأقيم لها هذا المقام عند الممات، كما سمي الكنيس "الغريبة" نسبة إليها حيث كانت غريبة على المكان وأهله.

ويشتهر أيضا بكونه مزارا سنويا لليهود، يفدون إليه من مناطق شتى من العالم في مايو/أيار كل عام اليوم الـ 33 من تقويم الفصح اليهودي فيقيمون شعائر دينية ومراسم وطقوسا متنوعة تستمر يومين وسط إجراءات أمنية مشددة.

ويتكون الكنيس من بنايتين كبيرتين الأولى خاصة بالعبادات ويغلب عليه اللون الأبيض والأزرق، ويوجد بداخله بيت الصلاة وهو المكان الذي تؤدى فيه أهم طقوس الزيارة، أما البناية الثانية فتستعمل لإقامة الاحتفالات بالأهازيج والموسيقى التونسية وتوزيع الأكلات التونسية أيام زيارة اليهود.

طقوس واحتفالات
تتنوع الطقوس الدينية والمراسم الاحتفالية التي يقوم بها اليهود خلال زيارتهم للكنيس، حيث تتضمن التبرك بحجر من هيكل سليمان يقولون إنه موجود في قبو المعبد منذ نحو ألفي عام، كما تتضمن كذلك إضاءة الشموع وتقديم الدعاء والحصول على البركة من الحاخامات.

ومن المراسم التي تميز هذا الحج وضع البيض في القبو، إذ يقوم النسوة بكتابة أمانيهن وأحلامهن على البيض وإلقائه في قبو المعبد قرب "الحجر المقدس" حيث يعتقدن أن تلك الأماني ستتحقق بمجرد كتابتها على البيض ووضعها في ذلك المكان.

ويعتقد النسوة وعموم الزوار أن التبرك بالحاخامات وأداء تلك الطقوس سيعودان عليهم بقضاء الحوائج وتسيير زواج الفتيات والإنجاب للمتزوجين والشفاء من الأمراض وجلب الأرزاق.

ويلي هذه المرحلة -التي يرافقها إشعال الشموع بالقاعة المخصصة للصلاة- الخروج إلى القاعة الكبيرة لقراءة التوراة. وفي الوقت ذاته احتساء نبيذ "البوخا" الذي يستخرج من ثمار التين، والذي يشتهر يهود تونس بصناعته.

وتتضمن طقوس الزيارة أيضا جمع أموال من السياح والزائرين وبيع العديد من الأمتعة والمقتنيات التي يتبرك بها الزوار ويعتقدون أنها مقدسة، وتخصص تلك الأموال للعناية بالمعبد وصيانته وبناء مدارس وإقامة مشاريع لصالح الطائفة اليهودية في تونس.

ويتم ذلك بعد توجه الزائرين إلى الجانب الأيمن من الكنيس حيث تتميز الطقوس في ذلك الجزء بطابعها التقليدي كترديد الأغاني التونسية وتقديم الأكلات الشعبية المشهورة، فضلا عن بيع المقتنيات "المقدسة".

وتنتهي تلك المراسم عادة بما يسمى الخرجة الكبيرة، وهي عبارة عن جولة يقوم الزوار خلالها بدفع "المنارة" إلى الساحة الأمامية للمعبد. والمنارة مصباح نحاسي كبير يتم تزيينه بأقمشة متنوعة الألوان بالإضافة إلى قطع ثمينة من الحلي، ويعتقد اليهود أن تاريخها يعود إلى نحو مئة عام.

هجوم "انتحاري"
وقد تعرض الكنيس يوم 11 أبريل/نيسان 2002 لهجوم بواسطة سيارة به صهريج معبأ بغاز الطهي، وخلفت العملية التي تبناها تنظيم القاعدة 21 قتيلا (14 سائحا ألمانيا وفرنسيين اثنين وخمسة تونسيين). وقضت محكمة تونسية بسجن المواطن بلقاسم نوار المتهم الوحيد بالتفجير (وهو عم منفذ الهجوم نزار نوار) بالسجن عشرين عاما بتهمة التخطيط لتفجير المعبد.

وأثرت تلك العملية على أعداد الزوار والسياح -الذين يفدون سنويا من إسرائيل وأوروبا ومناطق أخرى من العالم- إلى جربة للمشاركة في الاحتفالات.

ودأبت السلطات التونسية على اتخاذ إجراءات أمنية استثنائية خلال موسم الاحتفالات اليهودية السنوية منعا لتكرار حادث من هذا القبيل، كما تم إلغاء تلك الاحتفالات عام 2011 نظرا للظروف الأمنية والسياسية التي عاشتها البلاد بعد الثورة ضد نظام الرئيس زين العابدين بن علي أواخر عام 2010.

ويشكل اليهود في تونس أكبر الجاليات اليهودية بالمنطقة العربية، ولكن أعدادهم تناقصت بشكل كبير خلال العقود الأخيرة. فبينما كانوا حوالي مئة ألف نسمة عند استقلال البلاد عام 1956، تضاءل العدد اليوم إلى أقل من ألفي نسمة يقيمون في جربة وتونس العاصمة وبعض المدن الأخرى.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية