شعار قسم مدونات

الخجل من التعبير عن الرأي!

شلل يصيب الجسم والنفس.. كيف تتخلص من الخجل الاجتماعي؟
رأيك يحتمل الخطأ لكن لا يخالجك الندم فيدفعك للإحجام عن التعبير مرة أخرى (مواقع التواصل)

أحيانا تطرأ على بالك فكرة، ولكنك لا تعبر عنها. وعندما تتذكرها تخجل منها وتحمد الله أنك لم تعلنها أو تدونها بالرغم من أنها قد تكون فكرة رائعة، وكذلك الأمر بالنسبة لآرائك، بعض الأشخاص عندما يدخل في نقاش يخجل من إبداء رأيه والتعبير عن أفكاره بطريقة واضحة، وإذا أراد التكلم قد يتلعثم أو يقول كلاما لا معنى له بعيدا عن ما كان يريد قوله. قد يعود ذلك إلى طبيعة التنشئة داخل الأسرة، وبيئة المدرسة، أو إلى نوعية الشخص أو الجماعة الذين تعبر عن آرائك أمامهم، أو كذلك إلى تجارب سيئة سابقة أدت إلى نتائج سلبية. قد يتحول هذا الخوف والتردد في بعض الحالات إلى "عقدة نفسية"، قد تنعزل بالمرء انعزالا تاما عن الناس، فيبتعد عن أي فعالية اجتماعية وينأى عن الاحتكاك بالناس، ومن أعراضها كثرة التلعثم وتسارع معدل ضربات القلب والتنفس السريع والشعور بالغضب عندما يتم سماع رأي مختلف.

على الإنسان أولا معرفة المشكلة ووضع يده على السبب، وتجاوز ما يجعله يتردد في التعبير عن نفسه، ثم اختيار الشخص المناسب للنقاش معه

  • يقول (س.م): أتردد دائما في التعبير عن رأيي وإذا رغبت في ذلك أتلعثم وتبدأ الأفكار تتداخل في رأسي، وأشعر بضيق نفس وضيق الصدر.
  • ويقول (أ.م): أتجنب النقاشات وذلك لأنني كثيرا ما تعرضت لتنمر أو تهميش أو رد فعل سلبي، حيث لا أعرف كيف أدافع عن نفسي.

وعلى الإنسان أولا معرفة المشكلة ووضع يده على السبب، وتجاوز ما يجعله يتردد في التعبير عن نفسه، ثم اختيار الشخص المناسب للنقاش معه، فبعض الأشخاص لا تستطيع مناقشتهم أو الدخول في جدال معهم، وهؤلاء يعد تجاهلهم أفضل، يقال: "لا تجادل الأحمق فقد يخطئ الناس في التفريق بينكما"، وبعض الأشخاص نرجسيون لا يسمعون إلا أنفسهم، ويتغذون على تحقير رأيك والاستهانة به.

وبعض الأشخاص يبغضونك أو لأي سبب يخصهم يتعمدون أذيتك، فإذا عجزت عن حماية نفسك منهم، عليك الابتعاد عن نقاشهم أو التعبير عن آرائك وأفكارك أمامهم. وبعض النقاشات تسيرها المصالح، والمصلحة الأقوى هي التي تدير النقاش. وهكذا، فعليك الانتقاء واختيار الأشخاص المناسبين والتمرن على ذلك.

وبعد خطوة اختيار الأشخاص المناسبين، يأتي تحديد الغرض من النقاش، عادة ما تكون وجهة المناقشات هي الخروج بآراء بناءة تهدف للتطوير أو الاتفاق على الرأي الأنسب وتحقيق المصلحة العامة. ولكن إذا كان النقاش لا هدف له فإنه ينجرف لنهايات غير مرغوب فيها، فيضيع وقتك بغير هداية.

ثم عليك التمتع بروح رياضية عالية، فليس بالضرورة أن تتفق مع الجميع، وليس بالضرورة أن تفوز في نهاية النقاش، فقد تكون أنت صاحب رأي وحيد مختلف عن الجميع، وعليك تقبل الانتقاد ووجهات النظر المغايرة.

قد تحتاج إلى وقت حتى تتغلب على خجلك وترددك ولكن مع الوقت والتمرن ستتلاشى مشاكلك، والمحاولة خير من الاعتزال والنأي بنفسك بعيدا

كذلك عليك تقبل أن رأيك يحتمل الخطأ أو الصواب، وأنت نفسك قد تغير رأيك من فترة لأخرى أو بنفس الجلسة، ولكن لا يخالجك الندم فيدفعك للإحجام عن التعبير مرة أخرى.

كثير من الأشخاص تغيرت آراؤهم بين فترة وأخرى، فهذا أمر مقبول وعادي جدا. فقبل 5 سنوات كتبت مقالا، والآن كلما قرأته أشعر بالدوار لدرجة أنني حاولت إزالته عن الموقع المنشور به، ولم أوفق في ذلك. لكنني فيما بعد استطعت تحويل مشاعري السلبية إلى طاقة إيجابية حيث أصبحت أتأنى أكثر قبل اختيار موضوع المقال الذي أكتبه، أقرأه واترك مسافة قبل نشره، ثم مرنت نفسي على تقبل فكرة أنني أتغير وأن أفكاري كذلك عرضة للتغيير.

قد تحتاج إلى وقت حتى تتغلب على خجلك وترددك، ولكن مع الوقت والتمرن ستتلاشى مشاكلك، والمحاولة خير من الاعتزال والنأي بنفسك بعيدا، وقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" أخرجه ابن ماجة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.