شعار قسم مدونات

المستقبل للغة العربية

اللغة العربية
سأحمل لواء التفاؤل والمبادرة لتمكين هذه الأمة وبالتالي عودة المكانة الرفيعة والمنزلة السامقة للغة العربية في كافة الميادين (شترستوك)

لا يغرنّنا الواقع القاتم، ولا تثبطنَّ عزائمنا الصور المظلمة، فالمستقبل للعرب، كما أن للغتهم الجميلة موقعا عزيزا ومكانة مرموقة في قابل الأيام.

ولن أتغنّى بالتراث العظيم الذي تركه لنا الأجداد العظماء، والذي كان وعاؤه اللسان العربي المبين. ولن أعيد ما استفيض فيه من كلام مكتوب ومنطوق عن عبقرية اللغة العربية. فهذه أمور يجب أن نتجاوزها لكي نستطيع أن نضع اللغة العربية مجددا في مكانها الذي تستحقه وأن نبوّئها كرسي الصدارة التي لا يليق بها غيرها.

لعلنا نرزق بحفنة من القادة الرؤيويين الذين يضعون في أولويات القرار السياسي رفع شأن العربية في كافة ميادين الحياة والامتناع عن حصرها في ما يتعلق بالمقدّس والأدبي فقط.

تعريب العلوم

ليس هناك من حاجة أكثر إلحاحا للعرب اليوم من تعريب كافة العلوم التجريبية والتطبيقية والنظرية. لا بدّ للحكومات والمؤسسات والهيئات العربية أن تنفق على هذه المشاريع وألا تبخل عليها. فالمردود الثقافي والمعنوي والنفسي وحتى المادي أعظم بأشواط من الهدر والتبذير اللذين يتمّان على المهرجانات الفنية الهابطة وعلى التسليح لجيوش لا تعرف إلا قمع شعوبها.

ولعلنا نرزق بحفنة من القادة الرؤيويين الذين يضعون في أولويات القرار السياسي رفع شأن العربية في كافة ميادين الحياة والامتناع عن حصرها في ما يتعلق بالمقدّس والأدبي فقط. وعلى المثقفين العرب أن يضطلعوا بدورهم في التعبئة لإعلاء شأن اللغة العربية وإخراجها من كونها لغة دينية وأدبية وفولكلورية والعودة بها إلى كافة ميادين الحياة من علوم وأعمال ومعاملات وفنون.

لتقم كتائب المثقفين بدورها المحوري الخلّاق. ولتخرج من بطون الكتب وعقم النصوص إلى خصب الواقع والحياة العملية بتفجرها المبدع المدهش.

فليتوقف جلد الذات

لقد جلدنا ذواتنا نحن العرب بما فيه الكفاية. ويستوي في هذا الحكام مع المحكومون والخاصة من مثقفين مع العامة من الجماهير. لقد آن الأوان لأن ننبذ جلد الذات وراء ظهورنا، وأن يكون لنا سلوك مبادر إيجابي يعزز الثقة بالنفس ويدفع بنا نحو معارج التفوق ومدارج الرقيّ.

وفي هذا فلتقم كتائب المثقفين بدورها المحوري الخلّاق. ولتخرج من بطون الكتب وعقم النصوص إلى خصب الواقع والحياة العملية بتفجرها المبدع المدهش. ولتسقط الحواجز بين المثقفين والعامة. ولتسقط السدود بين الحكام والمحكومين. ولتفتح الحدود بين جميع الفئات.

ليست من أخلاق المسلم الأبي خصال الخنوع والاستسلام والتباكي. بل المسلم دائما وأبدا مبادر وخلاق ومبدع. يزرع الخير والتفاؤل أينما حلّ.

لا للبكاء على الأطلال

سأسير في اتجاه معاكس لأولئك الجهابذة العظماء الذين جعلوا دأبهم البكاء على الأطلال ونعي الحاضر والتبرّم من العصر. وسأحمل لواء التفاؤل والمبادرة والإيمان العميق بالنصر والتمكين لهذه الأمة، وبالتالي بعودة المكانة الرفيعة والمنزلة السامقة للغة العربية في كافة الميادين. وإنني أنضمّ الى قوافل المجاهدين بالكلمة الحريصين على لغتهم العربية التي كانت الوعاء لأعظم ما وهب الله الناس على هذه الأرض: الإسلام العظيم ورسوله عليه الصلاة والسلام.

وليست من أخلاق المسلم الأبي خصال الخنوع والاستسلام والتباكي. بل المسلم دائما وأبدا مبادر وخلاق ومبدع. يزرع الخير والتفاؤل أينما حلّ. ويجترح الحلول لأعوص المشاكل ولأصعب المعضلات. المسلم لا يعرف النكوص ولا التقهقهر. فالحريّ أن يكون المثقف المسلم نموذجا ومثالا أعلى لما يجب أن تكون عليه الجماهير من اعتزاز بالهوية الثقافية ومن تشبث بالعقيدة الحنيفية.

إنه لجهاد، نصر أو استشهاد، حتى في الميادين الثقافية والأدبية والعلمية، وليس فقط في الميادين العسكرية والقتالية والسياسية.

تفاؤل واقعي

تتجاوز نتائج عملية "طوفان الأقصى" المجيدة الجانب العسكري والسياسي بالكثير. فقد كانت لها نتائج نفسية مباشرة على الروح المعنوية لهذه الأمة. فمن النتائج المباشرة لهذه العملية إعادة التفاؤل لمثقفي وجماهير العرب والمسلمين وازدياد تمسكهم بهويتهم وثقافتهم وفي طليعتها اللغة العربية. ويظهر هذا جليا في خطابات وبيانات الناطق العسكري لكتائب عز الدين القسّام الملثم "أبي عبيدة"، الذي ينطق بلسان عربي أبيّ فصيح. وإنه لجهاد، نصر أو استشهاد، حتى في الميادين الثقافية والأدبية والعلمية، وليس فقط في الميادين العسكرية والقتالية والسياسية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.