شعار قسم مدونات

يوميات مسافر إلى قرية هديجا النيجيرية

 

شاء الله لي أن أسافر إلى بلد من بلاد الإسلام في القلب من القارة السمراء، دولة تقع في غرب أفريقيا، وهي دولة "نيجيريا" في قرية هديجا، ولاية جيجاوا، وهي إحدى الولايات 36 المكونة لنيجيريا. ووفق ما رأيت، فقد وجدت أغلب أهلها من المسلمين، وعلى العكس مما قرأت عنها على الشبكة العنكبوتية، فأخذت أبحث عن (حكاية الإسلام في نيجيريا).

وقد ورد في معظم كتب التاريخ المعاصر، التي كُتب فيها عن تاريخ الإسلام في نيجيريا، أن دخول الإسلام فيها كان أوائل القرن العاشر الميلادي من جهة الشرق، وبالتحديد في إقليم أو ولاية "برنو"، عندما امتد الإسلام في السودان الغربي ودخل مملكة غانا، ثم امتد حول بحيرة تشاد، ثم انتقل لهذه الولاية، التي يسكنها الكانميون من أهل برنو، والذين كان لهم اختلاط ومصاهرة بالعرب، وهي من الولايات القوية جدا في تعليم القرآن، وبها الكثير من حفظته بمختلف القراءات، ويشاركون في معظم المسابقات الدولية حاليا.

وهكذا صارت هناك مملكة قوية مسلمة حاكمة في شمال نيجيريا. ثم انتقلت الدعوة للإسلام في ربوع نيجيريا عن طريق التجارة والمصاهرة والهجرات المتتالية والحج وتدفق العلماء إليها، وبنهاية القرن 15 الميلادي لحقت الكثير من الولايات الأخرى بالشمال، وصارت جميعها تنعم بنور الإسلام؛ بل أصبحت تعج بالمدارس القرآنية.

وبعد ذلك اتجه الدعاة إلى ولايات وسط وجنوب نيجيريا، يدعون للإسلام وينشرون نوره في ربوعها، ليدخل الناس فيه أفواجا، وبدأ يظهر وجه الإسلام على هذه الأرض الخضراء الخصبة، ويعلو الأذان في فضائها، حتى وصل معظم ولايات الجنوب.

ولم يكن سابقا في معظم هذه الولايات من الديانات إلا المسيحية بمذاهبهم المختلفة، وطوائف وثنية ليس لها دين، فمنهم من منَّ الله عليه بالهداية، ومنهم من حارب هذه الدعوة وعاداها وعمل على إيقافها.

وهكذا دخل في الإسلام أعراق وقبائل شتى مثل الهوسا، والفلاني، واليوروبا، وأطياف أخرى من أهل نيجيريا، وقيض الله لهذا الدين من يحمله من العلماء النابهين والدعاة المخلصين ناشرين الإسلام، لتتسع رقعته في نيجيريا.

وقد رأيت أن وجودي في تلك البلاد نعمة، وأراني محملا بعبء إيصال تلك الأصوات النائية، التي أعايشها ليل نهار، والتي رغم قسوة الطبيعة وقلة موارد الرفاه، فإنها تنعم بالهدوء والأنس، الذي أراه وأشاهده في تلك البلاد النائية. سأروي لكم تباعا حكاية الإسلام في نيجيريا، وكيف انتشر فيها من خلال مصادر موثوقة ومعايشة لواقع المسلمين في هذه البلاد.

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.