شعار قسم مدونات

هل يخطط السيسي لإعدام منتقديه على مواقع الإنترنت؟

blogs مصر

في بداية الشهر الماضي طالب عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب المصري خالد أبو طالب، بتوقيع عقوبة الإعدام على مروجي الشائعات والأخبار الكاذبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في خطوة تستهدف معارضي النظام عبر الإنترنت، مؤكدا أنه سيتقدم خلال دور الانعقاد الحالي بمشروع قانون ينص على معاقبتهم، باعتبار أن من يفعل ذلك سيتم اتهامه بالخيانة العظمى، التي تعد سلاحا فتاك موجه ضد الوطن والمواطنين.

 

ما بدر من النائب ليس تصرفا فرديا أو رأيا شخصيا، بل هو منهج دولة وسلوك مؤسسات، ودليلا واضحا على ما نية النظام في إبادة المعارضين، عبر محاكمات هزلية، تؤكد معاناة المصريين منذ صعود الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم، فما من قانون قد يجرد المواطن من حرية التعبير عن آرائه، وما من دولة قد تحكم على مواطنييها بالإعدام لمجرد نشر "بوست" على مواقع التواصل، أو الإدلاء برأي، إلا أن تكون دولة هشة، تسعى إلى تعزيز سطوتها عبر أساليب واهية لن تضمن لها البقاء طويلا، وزوالها حتميا مهما تكمنت، وما جمعة الغضب عنا ببعيد، فقد حطم الشعب قيوده ولم تمنع العصى الأمنية المواطنين من قول كلمتهم.

  

منذ الجمعة، 20 سبتمبر (أيلول) الماضي استيقن النظام أن إحكام قبضته على المصريين وهم، وتأكد أنه مهما اشتدت قبضته الأمنية، وخطط التخلص من معارضيه، لن يكون مطمئنا على نفسه ونظامه

ولم تقف الاعتداءات والتهديدات بالإعدام والاعتقال، واستخدام القوة الغاشمة عند مروجي الإشاعات وفقط بل امتدت إلى الصحفيين وأصحاب الرأي، ممن يؤدون دورهم في إطار موجة من الهجمات على حرية الصحافة وتبادل المعلومات، فكونك صحفي فأنت متهم حتى لو كنت موالي للنظام، ففي أحداث سبتمبر الماضي، اعتقل الأمن الآلاف من الشباب المتظاهرين بينهم صحفيين كانوا يؤدون مهامهم، والبعض منهم كان مؤيد لعبد الفتاح السيسي ونظامه، ولم يشفع له تاريخه الطويل في المداهنة والتحريض على المعارضين، ولن أذكر أسماء حتى لا يفهم الأمر تشفيا أو تفهم نيتي بسوء.

  

وبالرغم من المناشدات الدولية التي تطالب مصر باحترام حقوق الإنسان وحق التعبير عن الرأي، إلا أن مصر تمضي قدما في إخراس المعارضين، ولا تكترث كثيرا لما يقال، فيد الأمن طولي ورجاله حاضرون بالقوانين، فهم يعتقدون أن حرية التعبير في الغرب مختلفة عن نظيرتها في مصر فليس من حق المصريين أن يطالبوا بتغيير سياسات الدولة، أو حتى رفض ما يتعرضون له من قمع، فالمصريين لا يحق لهم ما يحق لغيرهم من شعوب الأرض، هكذا ينظرون إلينا، وهذا ما أكده تصريح النائب أبو طالب ليكشف عن خطط الدولة، المستقبلية التي تهدف إلى إعدام المعارضين، وقطع دابر النشطاء والصحفيين بتهم الخيانة العظمى كما ذكر.

  

وإعلان تلك التصريحات يؤكد عدم اهتمام النظام كثيرا بالإدانات الدولية التي تلاحقه، كذلك لا يهتم بالقانون والدستور، فها هو يعلن نيته على الملأ، لتتبعها أفعال عدوانية، تمثلت في اعتقال بعض من محامي المتظاهرين، الذين تطوعوا للدفاع عن الشباب المتظاهرين، وجاء في مقدمة هؤلاء ماهينور المصري، التي تم خطفها عقب خروجها من إحدى الجلسات في مقر نيابة أمن الدولة بالقاهرة بعد أن حضرت التحقيقات بصفتها محامية عن عدد ممن اعتقلتهم أجهزة الأمن خلال تظاهرات سبتمبر، كما ألقي القبض على عدد من الناشطين والحقوقيين والسياسيين، منهم المحامي خالد علي، وغيرهم ممن حاولوا تقديم الدعم والعون القانوني للشباب.

 

وحول الانتهاكات ضد الصحفيين، جاءت دعوة الاتحاد الدولي للصحفيين الحكومة المصرية باحترام التزاماتها الدولية الخاصة بقوانين حرية الصحافة، لتؤكد معاناة الشعب عامة والصحفيين خاصة، وتطالب النظام بالإفراج الفوري عن جميع الصحفيين المعتقلين، وبالفعل أفرج النظام مؤخرا عن بعضهم ولكن تبقى قضيتهم منظورة أمام القضاء الذي ربما يبت فيها بما يضر مسيرتهم المهنية وحياتهم بشكل عام، وبقي في السجون العشرات والآلاف ممن تلخصت جريمتهم في إبداء رأي أو النطق بكلمة لم تأتي على هوى الحاكم.

 

وبالرغم من التنكيل الذي يتعرض له من أفرج عنهم، إلا أنهم مستمرون في نضالهم، فها هي ماهينور المصري، لم تمنعها مرارة السجن التي تجرعتها قديما وعداء الأجهزة الأمنية لها خلال السنوات الماضية، من الذهاب إلى عرينهم معلنة دفاعها عن المتظاهرين، ولم ترهبها ترتيبات النظام وخططه، بالرغم من اعتقالها مرة أخرى، فأمثال هؤلاء سيقف التاريخ أمامهم طويلا، فالفرد منهم بمثابة ألف، لما يمتلكه من شجاعة وإقدام قهرت النظام -ولو وقتيا- وجعلته على يقين أن الأمور لم تنتهي ولن يجلس أحد على عرش مصر طويلا، رغم إرادة المصريين.

  

ومنذ الجمعة، 20 سبتمبر (أيلول) الماضي استيقن النظام أن إحكام قبضته على المصريين وهم، وتأكد أنه مهما اشتدت قبضته الأمنية، وخطط التخلص من معارضيه، لن يكون مطمئنا على نفسه ونظامه، ففي لحظات قد تتغير الأمور وتتبدل الأحوال وينتفض الشعب عن بكرة أبيه، مطالبا برحيل النظام، وذلك رغم ما تعيشه الدولة من قمع وإجراءات عنيفة ستكون الدافع الأول لانفجار الثورة التي يسعى النظام إلى وأدها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.