شعار قسم مدونات

اشتري نفسك أولا!

blogs - اشتري نفسك

أنت تلك النفس التي كرمها الله في كتابه، تلك النفس التي لا يهون على الله أن يراها تذل أو تهان من أجل أحد، فمن أنت لكي تهينها! اهانتك لنفسك من أجل سعادة الآخرين هو الذي يفسر سبب حزنك في كل مرة، هو الذي يفسر تلك الدموع التي تذرفينها على وسادتك، وكل ذلك لماذا؟ من أجل أن تسعد الآخرين على حساب سعادتك أو ربما على حساب كرامتك.تمر لحظات في حياتنا نرغب فيها بعدم خسارة من حولنا، فنصبح نضع التبريرات للعديد من أفعالهم التي لا تبرر، نحاول دوما أن نجد الأعذار، فنظن أنها لحظة وقد تمر، ثم نكتشف لاحقا أنه طوال الفترة الماضية لم نخدع أحد سوى أنفسنا، فجاهدنا من أجل أن نجد أعذارا نحن بداخلنا لا نؤمن فيها فقط من أجل ألا نخسرهم. ربما قد نكسبهم ولكن في المقابل نكون قد فقدنا أنفسنا وتغيرنا إلى أراوح غريبة، أرواح نحاول أن ندخلها إلى أجساد لا تتقبلها، فنصبح غرباء في أجسادنا، أشخاص لا نعرف من نحن وماذا نريد.

 

أتذكر مقولة، قد يعشق العصفور سمكة ولكن المصيبة أين سيعيشان؟ في الماء أم في الهواء؟ وهكذا نحن قد نصل إلى مرحلة صراع بين القلب والعقل، فان اخترنا القلب خسرنا أنفسنا، وخسرنا المنطق الذي آمنا فيه طوال الفترة الماضية، أما إذا اخترنا العقل ربما نعيش حياة سعيدة ولكن سوف يكون هناك دوما شيئاً مفقوداً، إلى ذلك الوقت الذي يقرر فيه القلب والعقل أن يعملوا هدنة فيما بينهم، عندها سوف نصل إلى الاستقرار النفسي. لذلك عندما نريد أن نشتري أنفسنا وسعادتنا، علينا أن نتعلم ألا نضع المبررات لأحد، فمن يريدنا سوف يفعل المستحيل ليكون معنا، ومن يحبنا، يحبنا كما نحن، فلا يحبنا بمنطق الأنانية الذي استولى على تفكيره، بل يحبنا ويتقبلنا بعيوبنا ومميزاتنا، يحبنا بالشخصية التي لدينا فلا يحاول أن يقمعها، ذلك الحب الذي نراه بأعين من نحب قبل أن ينطقوا فيه، فالحب ليس بالكلمات بل بالأفعال.

 

من يريدك يفعل المستحيل من أجل سعادتك ، ولا يتخلى عنك مهما حدث، يحفظ كرامتك لأنه يعلم أنكم شخص واحد وكرامته من كرامتك

فلا تبحثي عن حب في شخص وضع شروط ليكون في علاقة معك، كأن تغيري شخصيتك، كأن لا تعملي، أو ألا يكون لك أي تصرف بأموالك، لا تبحثي عن حب في شخص يخجل أن يعلن ارتباطه بك أمام العالم، لا تبحثي عن حب في أعين رجل خائن، تنتظرين ليالي لتري لمعة الحب لك في عينيه، وعندما يرى صورة حبيبته السابقة لا يخجل منك، يأخذ في تدقيق أبسط تفاصيلها أمامك، أو ربما لا تبحثي عن حب في رجل علمت أن في قلبه أحد غيرك، فما عليك فعله هو تركه دون أي تفكير.

 

نعم اشتري نفسك واشتري كرامتك، فالعذاب الذي قد تعيشينه من أجل شخص لا يستحق، شخص لا يعطيك من وقته، شخص لا يستغل الفرص لكي يكون معك، شخص لا ترين لهفة الحب في عينيه، نعم تلك اللمعة التي رآها في عيني دوما، ولم تريها في عينيه، فهو يراك فقط زوجة صالحة لا أكثر. نعم فهو لطالما أخبرك أنه يحبك ولكن لم تشعري فيها يوماً، فأخبريني ماذا تنتظري لكي تبتعدي عنه، أحيانا تخبريني أنه ربما ليس ذنبه أنه لا يحبك، فأقول لكي أن ذنبه الأكبر أنه جاء ليطلب القرب منك وهو لا يحبك ولم يرغب يوما بحبك سوى كونك سوف تصبحي زوجته، ذنبه أنه أراد ظلم قلب برئ لا ذنب له بعلاقاته الفاسدة، اختار فتاة ليظلمها بينما لطالما تمناها غيره، تمنى الارتباط فيها بأشخاص أفضل منه بكثير ولكنها اختارته، وهو الآن جعلها تدفع ثمن اختيارها الخاطئ.

 

أحيانا قد ندفع ثمن لاختياراتنا الخاطئة، ولكن يجب أن لا نندم على ذلك الاختيار، أو ربما يجب أن لا ندفع ثمن ذلك الاختيار أكثر من اللازم، فكل منا لديه قيمة ثمينة يجب أن لا يملكها سوى من يستحقها، فأحسني الاختيار، اختاري من يحبك ويثبت إليك ذلك في كل لحظة، اختاري من يفعل المستحيل ليكون معك، اختاري من يستغل اللحظات ليكون معك، اختاري من يرى أن تحضيرات الزفاف من أجمل الأوقات، فرغم أنها لحظات توتر الزوجين إلا أنها ليست سبب لتفرقهم، فيبحث عن رضاك رغم قدراته البسيطة، بل يستغل تلك اللحظات ليكون مع حبيبته أكثر فترة ممكنة، يحاول أن يخلق جو مليء بالضحك ليخفف من حدة المواقف.

 

فتذكري أنك ثمينة ولا تقبلي لنفسك بالقليل، ولا تقبلي الذي لا يرى بارتباطه فيك أنها أكبر نعمة، وتذكري أن هناك دوما قلب طاهر يبحث عنك في مكان ما، فأحسني الاختيار ولا تتسرعي، ولا تضعي المبررات مهما حدث، فمن يريدك يفعل المستحيل من أجل سعادتك، ولا يتخلى عنك مهما حدث، يحفظ كرامتك لأنه يعلم أنكم شخص واحد وكرامته من كرامتك، وحزنه من حزنك، ذلك الذي لا يجعل عينيك تذرف دمعاً سوى دمع الفرح، وتأكدي أنه عندما تشتري نفسك التي أمنك الله عليها سوف تفرحين عاجلا أم آجلا، فثقي برب العالمين الذي لن يقبل المذلة لكِ.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.