شعار قسم مدونات

سعادة البؤس.. ومعالي الأزمة!

مدونات - رئيس

يختلف رؤساء العالم عن بعضهم باختلاف دولهم، ونظام الحكم فيها، وباختلاف دساتيرها، كما الشعوب، وأسمحوا لي أن آخذ قارتنا "أفريقيا" كمثال، فنجد أنه توجد اختلافات ظاهرة وملحوظة بيننا، فشعب شمال أفريقيا يختلف في طبائعه وتعاطيه مع القضايا السياسية (ممارسته للسياسة) عن شعوب غرب أفريقيا، وكذا جنوبها وشرقها، وهذا برأيي يعطينا مؤشر عن دورهم في المساهمة والتقرير بشأن بلدانهم، والحياة العامة هناك، وأود أن أشير لشيء مهم، وهو أن البعض منا دائما يربط الديكتاتور بالدولة الفقيرة "دول العالم الثالث" في الوقت الذي لدينا فيه العديد من الأمثلة لديكتاتوريات عتيدة بدول متقدمة ومتطورة في كل المجالات، ولا نجد مأخذا لذلك من الدول التي يصطف رؤساءها مع رئيسها في قمة الثماني، وكذلك أمثلة لديمقراطيات عريقة لدول فقيرة، وبالطبع تحرز تقدما ملحوظا في النمو الاقتصادي والتنمية والتطور.. (وهذا بالطبع بفعل الإرادة)! ولا أحد يذكر مثل هذه الدول بخير أو شر.. فقط أجدني أعجب للمعايير!
 
لكن ثمة اختلافات غير مرئية بين رؤساء الدول منها أن بعضهم يفصل بين وظيفته (كرئيس) وبين بقية تفاصيل حياته (الشخصية) كإنسان، منهم من يعمل على التسوق، ومنهم من يمارس الكتابة الإبداعية والتدوين، كذلك من يحترف ممارسة نوع معين من الرياضة وغير ذلك، وهنالك رؤساء في كل وقت وحين! بعضهم (أي الرؤساء) كان طموحه أن يكون رئيسآ، وبعضهم ورثه، وآخرين أصبحوا رؤساء بمحض الصدفة، ومنهم من تم اختياره وهو غائب وتفاجأ، وآخرين كانوا عبارة عن أدوات رُسِمت لهم الخطط وقاموا فقط بتنفيذها!

 

لا أريد منكم هنا أن تتذكروا الأحاديث التي تُروى عن العوالم الغريبة والمخيفة أحيانا لحياة الرؤساء والملوك -السابقين أو الحاليين- في منطقتنا، وعن عادات غير طبيعية

لكن الناظر لمنطقتنا (عمومآ) تأسره الدهشة من ما نحن فيه، رؤساء وملوك وأمراء، وكذلك مرضى ومعتوهين يتحكمون في تفاصيل حياتنا، ويقررون في شؤن بلداننا؛ والنتيجة أننا نعيش أوضاعا كارثية في مختلف مناحي الحياة، فالرؤساء هنا (بمنطقتنا) لا يعرفون النقاهة والاستجمام، يعملون كل أيام وساعات الأسبوع، من غير كلل أو ملل، يديرون كل شئ، ويقررون حول أي شيء، ولم يسبق أن شاهدنا لهم حياة إنسان طبيعي (يأكل الطعام ويمشي في الأسواق)!.. ولم يخرج أحدهم محفظة نقوده ليشتري مستلزمات بيته من ماله الخاص (والذي هو راتبه كرئيس) كما أنه لم يقع بين يدينا أي إنتاج لهم (أدبي أو فني) ولا مقالات، ولا كتابات شخصية منشورة لهم في المناسبات (تغيب حتى في المناسبات الوطنية) بغض النظر عن الخُطب والخطابات الرسمية (المعدة مسبقآ من مكاتبهم) ولا يعزفون الموسيقى، وليس لديهم وقت لزملاء الدراسة والأصدقاء، والأغرب أنه ليس لديهم أقارب فقراء!! (ولا حسد).. إلخ!

 

وكل ما سبق يُحدثك عن أشخاص مأزومين، يأزمون الأوطان ويُقعدوها عن التطور في الوقت الذي تنقل لنا الأخبار (حول العالم) تفاصيل عن رؤساء دول تعتبر مثال للتقدم والتطور، وأيضآ تقرر في مصير العديد من دول العالم، ولها أصوات مهمة، ومقاعد دائمة بمجلس الأمن؛ إن رؤساءها ينعمون بعطلات نهاية أسبوع عائلية أو مع الأصدقاء، ونطالع مقالات لهم عن أحداث وموضوعات مهمة، وتدوينات عن قضايا البيئة والمناخ وما يتصل.

 

لا أريد منكم هنا أن تتذكروا الأحاديث التي تُروى عن العوالم الغريبة والمخيفة أحيانا لحياة الرؤساء والملوك -السابقين أو الحاليين- في منطقتنا، وعن عادات غير طبيعية.

 

أخيرا.. إلهي أسألك اللطف بأوطاننا، وقادم الأجيال.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.