شعار قسم مدونات

حكايتي مع الثقة بالنفس وأسرارها!

مدونات - الثقة بالنفس

لم أولد مع ثقة بالنفس، تمامًا كالجميع! ولم تكُن تجاربي في طفولتي سببًا لاكتسابي ثقتي بنفسي بقدر ما كان إصراري على النجاح هو السبب في اكتسابها. لطالما كنت فتاة محبوبة، اجتماعية، أتواصل بإيجابية مع الجميع لكن ذلك لم يكُن مصحوبًا مع إدراك عميق لقيمتي وإدراك لقوتي الكامنة. إحدى التجارب التي أذكرها، كانت تجربتي مع الظهور أمام جمهور كبير. فقبل عامين تقريبًا، عُرض على الظهور في التلفاز لأتحدث عن التأتأة، كوني اختصاصية نطق ولغة متخصصة في علاجها، وكوني مبادرة في مشروع نهضوي لرفع الوعي لإضرابات النطق واللغة عن طريق نشر مقاطع فيديو. حينها اعتذرت بحجة أن وقت البرنامج غير مناسب لتخطيطاتي في ذلك النهار.

ثم بعد شهرين، تلقيتُ عرضًا آخر للقاء أتحدث به عن تجربتي مع الطلاق وتجربة تربية ناجحة لطفل في أسرة منفصلة، ورفضت لحجة أخرى! ثم بعد فترة، تلقيت عرضًا للمشاركة في برنامج أكون فيه ضيفة لأتحدث عن كيفية تحقيق الذات وتحدّي الأزمات بصفتي امرأة انطلقت رغمًا عن الظروف، ورفضتُ لحجة أخرى! في الحقيقة لم أكن راضية لنفسي ذلك الرفض ولم يكن رفضي عبثًا، فقد رفضتُ لأنني لم أستطع تخيّل نفسي والأضواء مسلطة عليّ! وكأن وجودي "على منصة" يهددني أو ربما يُخرجني من منطقة الراحة، أذكر أنني فكرت حينها، "أنا؟ يصغون لحديثي؟!" لم أدرك حينها قيمتي ولا حجم ما أنجزته، لم أرى نفسي على حقيقتها.

كان السبب في ذلك أفكاري التي حملتُها عنّي، كان السبب أنني لم أُقدّر إنجازاتي وكان السبب أجزاءً من طفولتي تنحيتُ بها كثيرًا ووضعتُ نفسي على الهامش، قزّمتني أفكاري لسنوات عدة! الى أن بدأت أرى حقيقتي. ماذا ساعدني للوصول الى ما أنا عليه واجتياز تلك المرحلة؟ الثقة بالنفس بنظري هي نتاج تراكم لتجارب إيجابية نجحنا من خلالها بالوصول لأهدافنا وإدراكنا لذاتنا! ولأنني تعلّمتُ الكثير من الأدوات في طريقي لتحقيق ذاتي، أضع بين أيديكم أهم الوسائل التي لطالما استخدمتها للوصول للأهداف والنجاح:

1. قبل تحديد الهدف، وجب التغيير في الإدراك! لا يمكنني أن أنجح وانا أردد في عقلي الباطني "سأفشل"! وجب "الالتزام الإدراكي" في تحقيقه، قبل الشروع بالالتزام التنفيذي.

نحتاج لشخص واحد على الأقل، لا يسمح لنا بأن نكون على الهامش.. كونوا بالقرب من شخص كهذا وإن لم تجدوه فكونوا أنتم لذاتكم ذلك الشخص!

2. مراقبة الناجحين ومخالطتهم. فمثلاً، إذا كان هدفي النجاح في تخطي أزمة، أراقب أشخاصًا نجحوا في تخطي أزماتهم. إذا كان هدفي النجاح في الإدارة، أراقب مدراء ناجحين. لن ننجح ونحن نخالط الفاشلين أو نراقب تجاربهم.

3.غربلة المحيط! ذلك يعني أن أختار بعناية الأشخاص المحيطين بي في دربي نحو الهدف! لعلّ الابتعاد عن جميع الأشخاص الذين لم يؤمنوا بي، الابتعاد عن جميع الأشخاص الذين فسّروا اختياراتي على أنها ضياع، والابتعاد عن جميع الأشخاص الذين عارضوا مبادراتي ومشاريعي في بداياتها. لعلّ هذا الابتعاد كان بمثابة تهيئة التربة الخصبة لإنبات النجاح. في ذلك نضمن تركيز طاقاتنا على الهدف بدلاً من إضاعتها على الدفاع عن أحلامنا أو أهدافنا.

4. قبل الشروع بالتنفيذ، وجب الجاهزية لتحمّل مسؤولية الفشل مسبقًا! فكون أنني أُبدي استعدادا في قرارة نفسي لدفع ثمن أخطائي وتحمل كامل المسؤولية قبل الشروع بالتنفيذ – فيما لو فشلت – هو أحد أسرار النجاح والجرأة لأن إفصاحنا عن ذلك بصدق لأنفسنا، يقينا من الخوف من الفشل الذي قد يديرنا دون أن نشعر! وستُصب جميع طاقاتنا على النجاح والهدف لا شعوريًا وبثقة.

5. تعزيز الذات عند تحقيق النجاح. في داخلنا طفلاً يحب التعزيز، جزءٌ من ظلمِنا لأنفسنا هو ألا نعزز ذلك الطفل بحب عند النجاح ونجلده بقسوة عند الفشل! ليست الرحمة هي أن نرحم غيرنا بقدر ما هي أن نرحم أنفسنا ونتعاطف مع ذاتنا.

6. أن نقارن أنفسنا مع أنفسنا، النجاح الفعلي هو المقدرة على نقل أنفسنا من مرحلة لأخرى، بغض النظر عن المراحل التي يتواجد بها غيرنا. فلكل منا بيئة مختلفة، ماضٍ مختلف وليس من حقنا أن نقارن أنفسنا بغيرنا في حين أننا نستخدم مقاييس مختلفة.

أؤمن أن جميعنا أقوياء، ليس جميعنا يرى قوته الكامنة فيه! ليس جميعنا تقوده جرأته وليست الجرأة أمرًا موروثًا! نحن نصنعها ونكتسبها تمامًا كما علّمتُ نفسي ذلك. نجحت في رؤية حجم ذاتي الحقيقي لأنني أعلم اليوم أن الأضواء لم تعد غريبة، لأنني لم أعد أرفض الظهور في برنامج تلفزيوني أو أن أكتب مدونة أظهر فيها على الملأ ولأنني لم أعد أرى نفسي على الهامش. نحن نحتاج لأشخاص يؤمنون بنا، بقدراتنا، بأفكارنا. نحتاج لشخص واحد على الأقل، لا يسمح لنا بأن نكون على الهامش. كونوا بالقرب من شخص كهذا وإن لم تجدوه فكونوا أنتم لذاتكم ذلك الشخص!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.