هناك لا صوت يعلو فوق صوت الرصاص، وزناد أسلحة مليشيات حفتر لا يتوقف عن القتل والإجرام وسط تهليل مناصيرهم. أربع سنوات مرت منذ إعلان عملية الكرامة لم ير سكان بنغازي إثرها من الأمن الموعود شيئا، قضى عشرات الآلاف نحبهم واعتقل مثلهم وهجر نحو عشرين ألفا بتهمة الإرهاب ومعارضة حفتر ورفض الكرامة، هُجروا ودمرت منازلهم وسرقت ممتلكاتهم. لا أبالغ حين أصفها بالغابة في ظل عدم قدرة الأخ على ائتمان أخيه، وفي ظل ما يجري فيها من أعمال قتل في الخفاء والعلن.
ضابط حفتر المطلوب دوليا محمود الورفلي، الذي صدق العالم أكذوبة خضوعه للتحقيق لما ارتكبه من جرائم لم يجد حرجا خلالها في تنفيذ عمليات تصفية وإعدامات في العلن بعد يوم واحد من مقتل العشرات في منطقة السلماني ببنغازي جراء تفجير سيارتين مفخختين. عشرة سجناء مجهولون كانوا ضحية انتقام الورفلي مما جرى في المدينة، وإن يرجح كثيرون أن التفجيرات لم تكن سوى تصفية من حفتر لعدد من حلفائه، فالوقت حان لطمس كل دلائل إجرامه وفتح المجال أمامه وأبنائه لمزيد من السيطرة. صورة قاتمة وفعل مخز شهد عليه عدد من أهالي المدينة ممن صدقوا أن من أعدموا يقفون وراء التفجيرات.
بدأت جرائمه الورفلي تنتشر في العلن منذ عام 2016 ما دفع المدعية العامة للجنائية الدولية فاتو بانسودا إلى طلب إصدار أمر بالقبض عليه في الأول من أغسطس من العام الماضي، طلب قوبل بالإيجاب من قبل الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة ليصدر أمر بالقبض عليه في الخامس عشر من الشهر ذاته بتهمة ارتكاب جرائم حرب عبر قتل أو إصدار أوامر بالقتل في حق مدنيين ومعتقلين، لم تثبت أي جهة تورطهم في حوادث معينة وظلوا إلى اليوم مجهولي الهوية.
تعيش بنغازي أصعب فتراتها مع بسط حفتر لنفوذه هناك، قتل واختطافات واعتقالات وتعذيب والجرم معارضة عملية الكرامة أو الاختلاف في الفكر والتوجه، بل وحتى حفظ القرآن الكريم، مستغلا دعم القبائل وحلفائه من المنتمين للتيار المدخلي، وهو دعم بدأ يتفكك. أما ليبيا فتعيش قتامة المصير..أكثر من ذلك إلى أين المسير؟
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.