شعار قسم مدونات

من أين الخلل من الدعاة أم المدعُوين؟

Blogs-شيخ
يتفق الجميع أن هناك خللا فكريا في المجتمع الإسلامي أفرز هوان المجتمع وووقوعه في ذيل القائمة في العالم اليوم، فالعلل مركّبة، تحتاج إلى طبيب ماهر، فالحديث يرتكز على جانبين فقط، الأوّل من جانب الداعي وهو كالطبيب ومن جانب المدعوّ وهو كا لمريض، والخلل هي الأمراض التي أصابت المجتمع، ومن المسلم المتفق عليه أن الدواء الشافي هو الدين الاسلامي لأنه تشريع إلــــــهيّ سائغ للعقول السليمة يرشد إلى الصلاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، حسب التعريف المشهور عند علماء الأديان.
 
وهناك نصوص كثيرة تبرهن وتورد الحجج المنطقية في هذا المجال "إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ "، فالقرآن موجود بأيدينا رطبا كما أنزل، والمجودون في العالم كثر، والسنة مدونة وحفاظ الوحيين في ازدياد، وقد قرأت رسالة للعلامة احمد الريسوني يقول فيها "تجويد القرآن أم تجويد التدين، يعني المشكلة في تجويد التدين وهذا العلم يحتاج منا إلى تطبيق وممارسة لنكون رحمة للعالمين، وقدوة للأمم، ونتحرر من الأغلال، والتشطحات الموروثه، فهذا التغيير من أين يبدأ؟ أليس من الأحرى أن يراجع الداعي معيار تجويد تديــنه أم جاوز القنطرة".
 
فاللّوم كل اللّوم على المدعوين وعامة المسلمين، هنا مربط الفرس وبيت القصيدة، إن العلماء نقدّرهم ولا نقدّسهم، والخطأ قرين للبشر، وكفي نبلا للمرء أن تعدّ معايبه، فمن باب النقد البناء، وتصحيح الاعوجاج والمحاسبة عند وقوع المصائب والفواجع نجد في القرآن قواعد ترشد إلى ذلك، ففي سورة آل عمران اليقين والحجة البالغة لمن يتذكر، في غزوة أحد والرسول بين أصحابه وقعت الهزيمة وأصيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، حينها استفسر بعض الأصحاب رضوان الله عليهم كيف نهزم وفينا رسول الله وكيف يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا؟
 
على القادة والعلماء أن يقوموا بالتغيير في أساليب الدعوة وكيفية الخطاب وفي تزكية أنفسهم قبل أن يقوموا بدعوة الآخرين "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ"

والتاريخ يعيد نفسه، بعض الشبان يستفسر اليوم والتنظيمات الإسلامية وأتباعهم مستاؤون، كيف ينتصر الكافرون أو الظالمون اليوم علينا ونحن نرفع شعار الإسلام هو الحلّ!!، ونتلوا آيات الله ونتبع سنته، فبعض الدعاة يذكر نصف الإجابة، وآخر يتهرب منها، لكنّ الاجابة بسيطه "قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا؟ قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ" "مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ".
 

 

فالمطلوب تجويد التدين لا تجويد القرآن فقط، فهل أجاد التديّن من يقوم بالتعصّب والمحسوبية لمشايخه واجتهادته إلى حد الإعجاب بالرأي أو طاعة الهوى، ويقصي أخاه المسلم لأنه لا ينتمي إلى جماعته الفلانية الناجية؟ وهل الرايات المتناقضة تستحق النصر؟ وهل أجاد التدين من يبخل ويبني العمارات وجاره محتاج؟ وهل يفلح قوم قطعوا أرزاق يتيم أو عامل لأن وليّه انتمي إلى غير ناس الجمعية، قائمة يطول سردها ونشاهدها عيانا، إن شهوة السلطة والمال والانتصار للنفس حلت في قلوبنا، وأصبح الزهد حبيس الكتب، وصلة الأرحام ونصرة المستضعفين والرحمة للعالمين والمثل العليا آيات تتلى.

 
وحق علينا قول ربّنا"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ". فترى الداعي يحاضر في الحقوق والواجبات، وفي البيت يظلم زوجته ويضرب أولاده، أو لا يأمرهم بالمعروف ولا ينهاهم عن المنكر، ويحذّر من العصبية والقبلية ولا يتحاشاهما، ويرغب في الوحدة والوئام ويؤسس فصيله، وتحضرني قصة الخطيب في الجمعة الذي تحدث عن الكفاءة في الزواج والمسلمون إخوة، فظنّ أحد المستمعين الكلام حقيقة، فطلب يد ابنة الخطيب فغضب عليه فقال القولة المشهورة " ذاك كلام الجوامع" فسبحان الله وإلى الله المشتكى.
 
كان الصحابة -رضوان الله عليهم- إذا حفظوا عشر آيات لم يجاوزوهن حتى يعملوا بما فيهن، وإذا غضبوا كانو يقفون عند تلاوة آية، فتهدأ الأعصاب، وإذا تنازعوا فهم بشر، آية واحدة أو حديث عن المصطفى يحسم الأمر فتتآلف القلوب، ونحن نقول عن كل آية لم توافق غايتنا إنها منسوخة أو فيها عموم وخصوص، وفي تفاسير واختلاف، وفي الحديث ترى من يشكك في الإسناد أو المتن عند ما يعارض التقاليد وآراء الشيوخ. خلاصة القول إن من أجاد التدين سيقود العالم وكان رحمة للعالمين"وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ"، فعلى القادة والعلماء أن يقوموا بالتغيير في أساليب الدعوة وكيفية الخطاب وفي تزكية أنفسهم قبل أن يقوموا بدعوة الآخرين "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.