شعار قسم مدونات

في لحظة ضعف

blogs تأمل

ظننت أننا كأي شباب من أي جيل في أي شعب من أي أمة تنهض بنا منظومة منهجية تربوية لتنفيذ طموحات ومخططات أباءنا المبنية على أسسٌ محددة تجتمع الأمة عليها. لكن على عكس آمالي المبعثرة، فرغم أننا نمثل أمةً فكراً ولغةً وبالطبع عدداً، خسرنا معركة المنظومة! تعددت الأسباب والحجج لكن الواضح أمامنا على الأقل أنه لم تكن هناك جيوشٌ أصلاً لنحارب بها. في النهاية وجدنا أنفسنا في منظومة من البلاء تحكمها قوانين لم نخترها، بمبادئ لم نعتد عليها، بتَعَاميمَ بعيدةٍ عن تربيتنا، بواقعٍ مريرٍ لا يمثل تاريخنا، وننتهي بأن نُقَدِرَ العادات والتقاليد والأعراف أكثر من تَقْديرِنا للدين والإيمان!

من أسهل الأعمال الآن أن تظهر بفكرة تجْمَعُ فيها الألاف من الناس لمجرد أنهم لا يملكون تصورهم المنطقي للموضوع، وهنا عَلَيَ أن أذكر أن إمكانية أن يكونَ صاحبُ الفكرةِ عاقلاً بها نادر على الأغلب، لأننا أيضاً نعيش تحت عرش المفتي والذي يجلس عليه الجميع، فقد بات من الغريب أنك لا تفهم في كل شيء!  "كيف لا أضع رأيي على أبصاركم وفي مسامعكم طالما أستطيع ذلك" أو هكذا يكون حال الفذ هذا.

بل أننا نستغرب من شخص لم يطرح رأيه في وضع أي قضية كانت في أي زمان أو مكان كان بَعُدَ أو قَرُبْ، رغم أن أقصى معرفة وصل لها بالموضوع هي متابعة خبرٍ عنه، هذا إن لم يعطي رأيه دون علم بأي تفصيل عن الموضوع أصلاً! 

أيا مجتمعي المُنْهكْ هيا بنا نخجل لحظة، ونعمل لحظة، لنصنع اللحظة، وحتى نراها كما نريد تحتاج إلى لحظة عزم لا خذلان بعدها، ونيةٌ قسريةٌ على من أراد أن ينصُرَ فطرتهُ نحو الهدف

وما يطعننا في ظهرنا أكثر أن الجميع يمتلك حقوق التعريف عن نفسه، ومن منا يكتفي بمكانه؟! كلنا نسعى للأفضل، والبعض يستعد للشر أكثر؛ فحتى لو كانت الخسارة من كلامه مجتمعاً يتقطع دونما أي مساعدةٍ على أي حرف يحركُ مشاعره المحبطة، أو همومه المقتومة، ولو كان السبيل للوصول لهؤلاء الناس لا يمس للحق ولا ينظر له أصلاً، فلا مشكلة عنده.  

ما كل هذا إلا القليل من ظاهرِ منظومة عكسية تَبَنّتْنَا بكل سقطاتها وسلبياتها، ففي مجتمعي الضعيف لم نعد ننظر للأمور كخير وشر، كنافع وضار، كصحيح وخاطئ، فلم تعد تهمنا الوسيلة، ولم يعد يهمنا الهدف، المهم فقط هو الوصول!

ما نتمناه في كل ليلة سبقنا الكثيرون به، ربما لا نستحق الأفضل كثيراً، لكن على الأقل لدينا أبناءٌ ينتظرون منظومتنا التي تناسب خيالهم الواسع، وتطابق برامجاً تغنَّتْ بالوطن ونصره وفتوحات أبنائه أمام أعينهم على التلفاز، نعم فهذه ليست أحلاماً بعيدة يسردها المخرجُ ليُخْرِجَنَا من ألامنا؛ إنما هي خلاصةُ ذاكرةٍ تَقُصُ تاريخاً يستحق أن نتعب كثيراً لنكون على قدره. 

أيا مجتمعي المُنْهكْ هيا بنا نخجل لحظة، ونعمل لحظة، لنصنع اللحظة، فكل الأمر لحظات! وحتى نراها كما نريد تحتاج منا أمرينِ فقط؛ لحظة عزم لا خذلان بعدها، ونيةٌ قسريةٌ على من أراد أن ينصُرَ فطرتهُ نحو الهدف.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.