ما يمنعنا عن رؤية الحقيقة الواضحة الجلية أن واقع العرب مزري وأن حالهم في ترد دائم، وأن التغير يحتاج إلى أمة واعية مثقفة ترنو إلى النصر بعزم وثبات لا تحيد عن هدفها قيد أنملة |
أمام سوداوية الواقع وسوء الأحوال التي استشرت لعقود طويلة جاءت بارقة أمل تمثلت في الربيع العربي الذي انطلق من واقع فاسد وأحوال مزرية شملت جميع مرافق الحياة، كانت تونس الشرارة وتبعتها مصر، حيث كانت الثورة شعبية طالبت بالإصلاح والحرية والعدالة والكرامة، وحقتت إنجازا كبيرا تمثل في إزاحة نظامي الحكم وعقدت انتخابات ديمقراطية أنتجت حكومات إصلاحية نالت رضى المواطنين الذين عاشوا في أحلام وردية بوطن جميل تسوده الحرية وتسوسه العدالة.
لم يدر في خلد أحد أن هناك خفافيش ترتع في الظلام تستثير الفتنة للتشويش على إنجاز الربيع العربي وخلق ردة عن الحرية لجعل الناس يطالبون بعودة الأنظمة السابقة التي كانت توفر لهم الطعام والشراب والأمن، فاختلقوا الفوضى ودفعوا للمرتزقة لإثارة الخوف والرهبة وكانوا يختلقون الأحداث لإثارة الناس الذين كانوا يصدقون كل شيء دون تمحيص أو تفكير.
لقد أعاد العرب الكرة ولم يتغير الواقع الذي ازاداد سواء وقتامة، وعادوا إلى البداية حيث الظلم والقهر الذي استشرى في الأوطان، ولم تسهم الثورات في تحقيق الأحلام التي كانت تخطر على بال كل مواطن عربي ثار على الظلم.
ألم يأن الآوان أن نتعلم من الأخطاء ونحصن ثوراتنا القادمة بقيم الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية التي تشكل حاجزا صلبا أمام النكوص إلى الخلف والارتماء في حضن الشك والخوف الذي يمنعنا من رؤية الحقيقة الواضحة الجلية أن واقع العرب مزري وأن حالهم في ترد دائم، وأن التغير يحتاج إلى أمة واعية مثقفة ترنو إلى النصر بعزم وثبات لا تحيد عن هدفها قيد أنملة.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.