شعار قسم مدونات

إلى أين نسير؟

blogs-young pal

تتسارع الأحداث بشكلٍ غريب في الآونة الأخيرة، وكأنها في سباق لإثبات من الأقدر فيها على جرفنا إلى الهاوية مجدداً، الهاوية التي لم نستطع الخروج منها منذ أول سقوط لنا في 1916 .

     

منذ أن بدأت خطواتي الدراسية الأولى وحتى أنهيت المرحلة الثانوية ونحن نشتم اتفاقية سايكس بيكو كل ما أتيحت لنا الفرصة بذلك، ومع كل حدثٍ جديد في القرن الواحد والعشرين بدأت الأمور تتوضح والصورة تكتمل شيئاً فشيئاً لأدرك حينها أننا نحن من حرصنا على إهلاك أنفسنا وصنعنا الفوارق حتى بين أبناء البلد الواحد، في ١٩١٦ بدأت القصة التي لم تصل ذروتها حتى الآن، إلى أين نسير؟ وأين سينتهي فينا المطاف؟ 

    

كوني أبدأ في عقدي الثالث حديثاً فقد عاصرت ممن كنت أخالهم قدوات ما عاصرت، حرصت دائماً أن يكون الدين هو الهدف الأسمى الذي أسعى لتحقيقه، وككل شاب يافعٍ يسعى لذلك اتخذت ممن لا يستحق ذلك قدوة للوصول إلى مسعاي، وأقصد في ذلك شيوخ الدين أو السلاطين سموهم كما تشاؤون، لأصدم بالواقع المخزي والحال الذي وصلنا إليه، لطالما ظننت أن فتنة خلق القرآن تلاشت منذ عصر ابن حنبل وتلاشى معها دعاة الدين حتى عايشت ذلك بنفسي في فتنة الدعوة إلى الحق والعدل والأمان وأدركت حينها أن الثور الأبيض حين مات لم يترك لنا شيئاً من بعده وأننا منذ ٢٠عام على الأقل نسير بخطىً ثابتة نحو الهلاك.

     

أننا ومع كل تقدمٍ لنا في عدد السنين نفقد حضارتنا وقيمنا، فلم نعد نعرف عن التاريخ سوى الأقل من القليل لنصل اليوم للتخلي عن الدين ونتابع مسيرنا المستمر نحو الهلاك

العرب -أو الشعوب الناطقة بالعربية كلغتها الأم- لغة القرآن والتي نعتز بها، المليئة بالتعابير اللغوية التي تفتقر إليها كل لغةٍ دونها، وغيرها من الشعارات التي سئمت من تخليهم عنها في اللحظة الأولى بعد سيرهم نحو التطور وخروجهم إلى الشق الآخر من العالم، الذي أشغلونا بشعاراتهم الكاذبة في طريقهم للوصول إليه، لا أدري ما الذي يدعو للفخر في أن تتحدث بلغة أجنبية مع أناس ليسوا بناطقين بها ،لا يكاد يفهم ما تقوله سوى أنت وتطلب منهم أن تنهي حديثك بتصفيق حارٍ منهم، وأنت لم تضف لهم سوى مصطلحات جديدة لم يدكوا معناها من قبل .

         

إن اختلاط المعايير لدى فئة ليست بقليلة من مجتمعاتنا ظناً بها أنها بذلك تحقق ذاتها جعلتنا نغفل عن الأسس الأولى لبناء أي حضارة جديدة، الدين واللغة، الحكمة والتاريخ. إلا أننا ومع كل تقدمٍ لنا في عدد السنين نفقد واحدٍ منهم فلم نعد نعرف عن التاريخ سوى الأقل من القليل لنصل اليوم للتخلي عن الدين ونتابع مسيرنا المستمر نحو الهلاك.  آمل أن يأتي ذلك اليوم الذي أقول فيه سأبقى هنا، لأني لا أجد تقديري سوى في وطني، إلا أنني لازلت وحتى هذه اللحظة أخاله بعيداً بل بعيداً جداً. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.