شكّك في إنسانية أولئك الذين لا يشعرون بالكآبة والعجز وهم يشاطرونك الحياة في هذا الواقع، يرون ما ترى، ويسمعون ما تسمع، دون أن يحرك هذا فيهم شعرة، شكك في مصداقيتهم |
لنضع الأمور في نصابها الصحيح.. شعورك بالكآبة في هذا العالم ليس حالة نفسية مرضية، ربما تكون كذلك، وربما لا، مهما تكن فهي علامة على إنسانيتك، وولاء لإيمانك ومبادئك، وصدق مع نفسك وعقلك ومشاعرك، ودلالة على تفاعل طبيعي، يصدر من نفس بشرية طبيعية، حيال أحداث ووقائع غير طبيعية.
شكّك في إنسانية أولئك الذين لا يشعرون بالكآبة والعجز وهم يشاطرونك الحياة في هذا الواقع، يرون ما ترى، ويسمعون ما تسمع، دون أن يحرك هذا فيهم شعرة، شكك في مصداقيتهم مع الآخرين، بل ومع أنفسهم أيضًا، وكن متيقنًا كل اليقين أنهم يحلمون بين خلجات قلوبهم كمًّا هائلًا من الأكاذيب والادعاءات، وحوت نفوسهم شعورًا شاذًّا عن الإنسانية متمثلا في الجمود والبرود المقيت، ويغطي وجوههم أقنعة تستر ما تيقنت به، شيخ بلحية وثوب قصير، مثقف متحرر بشارب كثيف وشعر غير مسرح، برلماني سياسي ببدلة من أشهر الماركات وأحدثها، كلهم يا عزيزي يخفون خلف أقنعتهم ما تيقنت به، أنت أعلى منهم بحالتك تلك الإنسانية وليست المرضية.
كم من وجوه مبتسمة مرحة تخفي خلف بسمتها حزنًا وألما، وكم من وجوه صارمة متجهمة تخفي خلف صرامتها ضعفًا وعجزا، وكم من جوه مكتئبة مبتئسة تخفي خلف كآبتها إنسانية بيضاء صافية، غير مدعاة ولا مستوردة.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.