شعار قسم مدونات

مصر بين الصرة والرز

مدونات - السيسي

مضت الأيام والسنون وتغير الحال من دولة تعطي وتهب إلى دولة تستجدي وتشحد.. هذا هو الحال المصري باختصار فبعد أن كانت مصر في ظل عهد الملكية تهب المسجد الأقصى المبارك كل عام مبلغا من المال يخصص للمسجد الأقصى المبارك يشمل رواتب الموظفين في المسجد الأقصى المبارك من أئمة وشيوخ ومقرئين وخدم وبوابين ومدرسين وكان يطلق عليها الصرة المصرية وكانت تؤخذ من الخزينة المصرية في كل عام وتوزع عليهم.

بلغت قيمة الصرة المصرية في عام ١٣٠٦هـ خمسا وثلاثين ألف مصرية وهذا المبلغ في ذلك العصر مبلغ كبير يدلل بوضوح مدى غنى مصر في ذلك الزمان ومدى اهتمامها في خدمة المقدسات الإسلامية التي كانت سباقة إلى تقديم كل ما يلزمها من أدوات وأموال. أما في يومنا الحالي فمصر تمد يدها تطلب المال من الدول الخليجية والذي قدر بعشرات المليارات من الدولارات، وهذا المال الذي قدم منذ انقلاب الجنرال عبد الفتاح السيسي على الدكتور محمد مرسي لم يسهم في تغير الوضع الاقتصادي المتدهور الذي يتفاقم يوما بعد يوم.

الرز.. أصبح مصدر عار ومهانة تمثل في السماح في التدخل في الشأن الداخلي المصري وتغير سياسات الدولة لتتلاءم مع ما يريده الواهب، بل تعداه إلى أخذ الأرض.

فبين مصر الخديوي ومصر السيسي حكاية بلد كانت تهب وأصبحت تستجدي.. تجد بلدا كانت تهتم بالأماكن المقدسة وتقدم لها الدعم والرعاية وبين بلد لا تكاد تسمع لها صوتا وان سمعته فعلى استحياء ويتقاطع في كثير من الأحيان مع الاحتلال الذي يستغل الصمت المريب في تمرير مخططاته في تهويد المسجد الأقصى وتغير معالمه.

لقد كانت الصرة مصدر عز وكرامة كونها توهب لنفقة المقدسات الإسلامية وهذا الأمر أعطى مصر مكانة مرموقة واحتراما كبيرا في تلك الأيام.. أما الرز فأصبح مصدر عار ومهانة تمثل في السماح في التدخل في الشأن الداخلي المصري وتغير سياسات الدولة لتتلاءم مع ما يريده الواهب حيث أنه لم يكتف في التأثير على السياسات بل تعداه إلى أخذ الأرض وما قضية الجزر المصرية عنا ببعيد.

وفيما يأتي نص الوثيقة العثمانية المؤرخة بتاريخ التاسع عشر من ذي الحجة سنة ست وثلاثمائة وألف:
"حضر يوم تاريخ أدناه لمجلس الشرع الشريف المعقود بمحكمة بدايت القدس الشريف كل من أصحابب الفضيلة والمكرمة وهم السيد محمد يسن أفندي نجل المرحوم السيد الحاج محمد علي أفندي الخالدي والسيد محمد أسعد أفندي ابن المرحوم السيد الشيخ عبد القادر أفندي ابن السيد محمد أسعد أفندي العلمي شيخ الحرم الشريف القدسي والشيخ فيض الله أفندي ابن المرحوم الشيخ موسى أفندي ابن الشيخ يونس أفندي شيخ الحرم الشريف القدسي أيضا والسيد كمال الدين أفندي ابن المرحوم الشيخ خليل أفندي ابن الشيخ سليمان طه الدجاني تربة دار تربة سيدنا داود على نبينا وعليه صلواة الملك المعبود والسيد يوسف أفندي ابن المرحوم الشيخ عبد الرحمن أفندي ابن المرحوم الشيخ يوسف أفندي الشهابي خادم القدس الشريف والسيد نجم الدين أفندي ابن المرحوم الشيخ برهان الدين أفندي ابن الشيخ نجم الدين أفندي الجماعي الخطيب بالمسجد الأقصى الشريف وبقيت المستحقين بالصرة المصرية المعينة لهم في كل سنة من الصدقات العلية والخيرات السنية من خزينة محروسة مصر القاهرة من أئمة وخطبا وبوابين وشغالين وبقية أرباب الوظائف والخدامات بالحرم الشريف القدسي المضبوطة أسماءهم بالجريدة الشرعية…."

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.