كانت المنتجات الاجتماعية من قبيل الأنترنت ووسائل التواصل، عند ابتكارها في المجتمع الغربي- تلبية لحاجة ملحة يتطلبها المجتمع في رحلة نموه وتقدمه. كان العقل الغربي في مختلف ضروب المعرفة خادما لاحتياجات المجتمع، وتضافرت جهود التربية والاقتصاد والتكنولوجيا؛ لتنهض بمسؤوليتها التاريخية، وتنهض بمتطلبات العصر. إن ابتكارات "مارك" وإخوته كانت إفرازا طبيعيا لمناخات المعرفة والإتاحة، وحلقة لتعزيز ثقافة العولمة التي تقودها بلدانهم في نفس الوقت.
تلاميذ المدارس المعاصرين لأزمة الحصار، واعتقال المغردين، وكبت التعبير، وتجريم التعاطف، وابتزاز الدول، ليسوا مجرد تلاميذ في الواقع، بل متابعين ومؤرخين لمرحلة تاريخية مهمة. |
في ظل الإتاحة، تزيد فرص الأفراد في الإبداع والابتكار والنجومية، ويدرك المخططون في الدول المتقدمة أن مساعدة الفرد وتعزيز فرصه في النجاح- يعد تعزيزا لرصيد المجتمع والدولة، وبالتالي فليس من مصلحة الساسة كبت الشباب، أو اغتيال المفكرين، أو مصادرة كاميرات الصحافة. في الصراع الجاري خليجيا، يتساءل الصغار والكبار، المثقفون، والمتابعون العاديون: ما الذي يجري؟ وماذا تخبئ الأيام؟ لتأتي الإجابات واضحة كصفحة الشمس: ليس من حقكم أن تعرفوا، بل ليس لكم أن تستفسروا عما يجري حولكم. وليت إجابات الساسة كانت شفاهية ومباشرة، لكنها لم ولن تكون كذلك بالطبع.
إن تلاميذ المدارس المعاصرين لأزمة الحصار، وتقطيع الأواصر، وحجب المعلومات، واعتقال المغردين، وكبت التعبير، وتجريم التعاطف، وتهكير المواقع، ومنع النشطاء من السفر، وشراء المواقف، وابتزاز الدول الفقيرة- ليسوا مجرد تلاميذ في الواقع، بل متابعين ومؤرخين لمرحلة تاريخية، ستظل محفورة في وعيهم، وتقرأها الأجيال اللاحقة في بوستاتهم وتغريداتهم وأدبياتهم.
بالطبع، قد لا يكون بمقدور أبنائنا في مدارس اليوم، التعبير عن اهتمامهم بما يجري، فضلا عن إبداء أي درجة من درجات المعرفة، أو محاولة التحليل؛ فمسؤول التربية نفسه لا يسمح له بذلك، وما عليه إلا التناغم مع رغبة الساسة في توظيف منظومات التعليم والتربية والإعلام والدين والثقافة في تغييب الوعي وحجب المعرفة.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.