شعار قسم مدونات

اليمن المَنسيّ

blogs اليمن
عانت اليمن من أزمة سياسية منذ اندلاع الثورة الشبابية في بداية 2011 والتي جاءت في ظل ما سمي بثورات الربيع العربي، اختلف مشهد الثورة اليمنية عن بقية الثورات التي قامت في بعض البلدان العربية وذلك الاختلاف تمثل في المواقف الإقليمية والدولية التي كانت معاكسةً لمواقفها من بقية الثورات، ففي اليمن استمرت هذه القوى في دعم النظام السياسي وتلويث الثورة التي كانت نابعة من الشعب بإدخال أطراف لا تقل في فسادها وجرمها عن النظام الذي كان قائماً آنذاك.

وذلك لمحاولة إفشال ما قد ينتج عند نجاح هذه الثورة من تحول ديمقراطي، هذا التحول الذي قد يمس مصالحها في هذا البلد المتعطش للديمقراطية ولبناء دولة مدنية قائمة على الحرية والمساواة، والتي لم يلتمسها على مر التاريخ. 
بعد أن قامت هذه القوى بتهجين ثورة الشعب اليمني عملت على التدخل وطرحت ما سمي بالمبادرة الخليجية.

هذه المبادرة بقدر ما خدمت رؤية وتصوّر الأطراف والقوى السياسية اليمنية الموقّعة عليها للخروج من المأزق الذي عاشته البلاد منذ الأشهر الأولى من عام 2011، فإنّها قد عمّقت تهجين هذه الثورة وكذا حالة التدخّل الخارجي فيها، كما خدمت المبادرة في الوقت نفسه أيضاً مصالح الأطراف الخارجية التي تبنّتها وصاغت مفرداتها، وبالأخصّ المملكة العربية السعودية التي بذلت ولاتزال تبذل كلّ جهد ومسعّى لعدم إنجاح أي ثورة في اليمن.

خدمت المبادرة الخليجية أيضاً مصالح الأطراف الخارجية التي تبنّتها وصاغت مفرداتها، وبالأخصّ المملكة العربية السعودية التي بذلت ولاتزال تبذل كلّ جهد ومسعّى لعدم إنجاح أي ثورة في اليمن.

بعد توقيع المبادرة الخليجية وتسلم الرئاسة لـ "عبده ربه منصور هادي" دخلت الأزمة اليمنية طي النسيان أو لنقل التناسي المقصود الذي أدى إلى دخول اليمن في موجة اغتيالات استهدفت أغلب الشخصيات الوطنية التي كانت متمسكة بمشروع بناء الدولة العادلة لكل الشعب اليمني وإلى توسع الجماعات المتطرفة، وجماعات المشاريع الضيقة التي أدّخلت اليمن في حرب دموية.

عملت القوى الإقليمية (التي رأت في توسع الجماعات وخصوصاً جماعة الحوثي بعد سيطرتها على السلطة هو تهديداً لمصالحها الاستراتيجية في اليمن) على شن حرب كان عنوانها هو استعادة الشرعية، والتي فرّطت فيها هذه القوى بتناسيها للأزمة الحقيقية في اليمن. تقبّلت شريحة من المجتمع اليمني هذه الحرب كونها في نظرهم هي الخيار الأفضل للتخلص من هذه الجماعة وهو الحل الوحيد لاستعادة ما سمي بالشرعية.

طال أمد هذه الحرب ليتجرع وبالها كل مكونات وشرائح المجتمع اليمني سواء المؤيد أو الرافض لتدخل هذه القوى، فاليوم وبعد مرور عامان وربع العام من الحرب التي أنهكت الشعب اليمني وقتلت حلمه وطموحاته في بناء دولته المدنية والتي خلقت تجار الحروب، دخلت اليمن وأزمته طي النسيان، سواء من الدول التي شنت هذه الحرب أو من قبل المجتمع الدولي، أو حتى من قبل ما سمي بشرعيته التي لم تلتمس معاناة شعبها، فلا سلطة صنعاء أحست ولا سلطة فنادق الرياض تحركت (وخصوصاً بعد الأزمة الراهنة القائمة بين دول مجلس التعاون الخليجي)، فالشعب اليمني بين دوامتين إما أن تقتله الحرب أو يقتله الجوع والأوبئة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.