شعار قسم مدونات

سيصحو من سباته ولو بعد حين

blogs - بوتين
دفع قياصرة روسيا لينين وستالين مئات الآلاف من أبناء شعوبهم للدفاع عن وطنهم ضد غزو هتلر والميكادو في حين نادى الزعيم الروسي جوزيف ستالين بالمذياع عند وصلت القوات النازية إلى حدود العاصمة الروسية (يا أيها الشعب الروسي دافعوا عن وطن بوشكين وتولستوي).
 
لربما بأن الرئيس الحالي للاتحاد الروسي فلاديمير بوتين لم يقرأ هذا التاريخ جيداً وأخذ موضع أعدائهم السابقين في غزو بلد يبعد عن بلدهم آلاف الكيلومترات نصرة لرئيس مستبد يكافح ضد ثورة السوريين، ووضع مصير شعبه رهن سياسيته الطفولية.

عندما هاجم الجيش الأحمر أفغانستان كان يمتلك أضعاف قوة روسيا في هذا الوقت من حيث المساحة والقوة العسكرية ولكنه خرج يجر أذيال الهزيمة لأنه كان عدواً ومحتلاً لدى جل الشعب الأفغاني وأعدم عملائه في شوارع العاصمة الأفغانية، وبعدها أصدر مجلس السوفييت الأعلى للاتحاد السوفيتي قراراً يتضمن الاعتراف باستقلال الجمهوريات حيث أن غورباتشوف كان يملك إمبراطورية عظمى في الليل وتركها مغادراً تحت جنح الظلام، وتم إنزال علم الاتحاد السوفيتي لأول مرة التاريخ ورفع العلم الروسي.

سياسة الحسم العسكري التي انتهجها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم تجدي نفعاً على المستوى القريب ولا حتى البعيد في حين أن الاقتصاد الروسي يستنزف بشكل كبير في ظل انخفاض أسعار النفط.

وبعد هيمنة الولايات المتحدة على العالم لأكثر من عقدين من الزمن وعدم وجود طرف موازن في ظل ضعف الاتحاد الروسي، حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته ميدفيديف أن يعيد توازن القوى في ظل الضعف والوهن وانكفاء سياسية الولايات المتحدة خلال حكم الرئيس الأمريكي باراك أوباما حتى سيطر الاتحاد الروسي على شبه جزيرة القرم وتحكمه الكامل بالملف السوري وبناء القواعد العسكرية.

وبعد وصول الرئيس ترامب إلى السلطة ظن الروس بأنه حليفهم المنتظر قد وصل إلى سدة الحكم وسيواصلون مهمتهم بسهولة حتى آتاهم خبر قصف مطار الشعيرات من قبل البارجات الأمريكية بالبحر المتوسط كالصاعقة بعد استهداف نظام الأسد للمدنيين بالسلاح الكيميائي. بدأ الروس يشعرون بأن الملف السوري يفلت من بين أيديهم وخصوصاً بعد الطعنة التي تلقاها بوتين من قبل الحليف التركي المفترض في الملف السوري، بعد دعم التركي القوي للضربة الأمريكية وتغاضي روسيا لتركيا عن الدخول للأراضي السورية في عملية درع الفرات لحماية حدودها حين أن الأتراك بدؤوا يتطلعون للمشاركة لمعركة الرقة وما بعدها وتمكين الثوار من السيطرة على هذه المناطق وإبعاد جيش النظام عنها.

عندما هاجم الجيش الأحمر أفغانستان كان يمتلك أضعاف قوة روسيا في هذا الوقت من حيث المساحة والقوة العسكرية ولكنه خرج يجر أذيال الهزيمة لأنه كان عدواً ومحتلاً لدى جل الشعب الأفغاني.

في حين أن مبدأ محاربة تنظيم الدولة التي تعتمد عليه البربوغاندا الروسية قد سقطت رويداً رويداً في ظل التقدم السريع التي تحرزه قوات الثوار في منطقة البادية والقلمون الشرقي وريف درعا، في حين مراوحة جيش النظام ومن خلفه الحليف الروسي في مناطقهم في ريف حمص الشرقي. بعد مجزرة الكيماوي التي نفذها نظام الأسد كاختبار لرد فعل الولايات المتحدة وبعد الرد العسكري السريع الذي تلقاه النظام ومن وراءه روسيا لاسيما في المحافل الدولية حيث تم حشرهم في الزاوية وبدأ التهديدات لعمليات متصاعدة ضد نظام الأسد الحليف لروسيا في المنطقة، ومواصلة الضغط على الحليف الأخر وهو إيران لإجبارها عن التخلي عن سلاحها النووي من قبل الولايات المتحدة ومن خلفها الدول الغربية ودول الخليج.

تبقى روسيا وحيدة في الميدان تواجه كل هذا الحلف الدولي الذي تترأسه الولايات المتحدة والتي تسعى للقضاء على حلم روسيا في إعادة توازن القوى على المشهد الدولي. وقد استبشر الروس خيراً في لفت الأنظار عن الموضوع السوري بعد التوترات الأخيرة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة ولكنه سرعان ما تم إغلاق هذا الملف وإعادة الملف السوري والإيراني إلى الواجهة .

وقد حاولت الطائرات الروسية كسر عظم المعارضة المسلحة في الهجمات الأخيرة على ريف حماة الشمالي وأحياء دمشق حيث قامت بشن مئات الغارات بشكل يومي من أجل التمهيد لجيش النظام من أجل التقدم في المنطقة في حين أن قوات المعارضة تسترجع تلك المناطق حين يغيب الطيران الروسي لوهلة من الزمن.

سياسة الحسم العسكري التي انتهجها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم تجدي نفعاً على المستوى القريب ولا حتى البعيد في حين أن الاقتصاد الروسي يستنزف بشكل كبير في ظل انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 50 دولاراً في حين تواصل الطائرات الروسية أفراغ حمولتها فوق رؤوس المدنيين.

بعد وصول الرئيس ترامب إلى السلطة ظن الروس بأنه حليفهم المنتظر قد وصل إلى سدة الحكم وسيواصلون مهمتهم بسهولة حتى آتاهم خبر قصف مطار الشعيرات.

المناطق الآمنة أو خفض التوتر التي اقترحته روسيا من أجل تطبيقه في المناطق المحررة بالاتفاق مع تركيا وإيران ما هو إلا وسيلة لحفظ ماء وجه المحتل الروسي خوفاً من ورطة أفغانستان الثانية والخروج بأقل الخسائر وخصوصاً بأن الظلم التي مارسته روسيا ضد الشعب السوري بدأ يولد الانتقام من قبل المسلمين وبدأ يطرق أبوابها بعد أن أصبحت روسيا عدواً يفوق شره الولايات المتحدة وإسرائيل.

هل أدركت القيادة الروسية بأن مواصلة الحرب على السوريين ستدفع تكلفتها باهظة دون جدوى أم أن القيصر لا زال غارق في أحلامه حول إعادة أمجاد الإمبراطورية من جديد.. ولكنه سيدرك متأخراً هذا الأمر وربما بعد فوات الأوان عندها سيصحو من أحلامه الوردية، ويستيقظ من سباته ولو بعد حين!.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.