شعار قسم مدونات

الأسرى يُوقِظُون ضمير العالم

مدونات - الأسرى
تعيش القضية الفلسطينية ونعيش معها أطوار معركة "الأمعاء الخاوية" التي يخوضها الأسرى الفلسطينيون الأبطال في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ أيام، ولا يمكن هنا أبدا تناسي الدعم الشعبي الكبير الذي تلقاه هذه المبادرة سواء داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة أو خارجها من قبل كل أحرار العالم، دعم اختلف شكله وصداه إلا أنه يؤكد على مدى الزخم الذي تواصل القضية الفلسطينية اكتسابه رغم مرور السنين.

ورغم كل المحاولات الإسرائيلية الدنيئة والمتكررة من أجل تسفيه هذه المعركة والنيل من رموزها وعلى رأسهم المناضل الأسير مروان البرغوثي من خلال فبركة وترويج صور تمس "بقدسية" معركة الإضراب عن الطعام -التي يعد البرغوثي أحد أبطالها- إلا أن ذلك لم ينقص من عزيمة الأسرى في مواصلة هذه المعركة ولم ينجح في تكسير موجة الدعم الشعبي والدولي التي تساند أبطال فلسطين داخل سجون الاحتلال.

الأسرى الفلسطينيون في سجون دولة الاحتلال الإسرائيلية لا يطالبون سوى بحقوقهم المشروعة والتي تكفلها لهم المواثيق والقوانين الدولية، لكن ذلك يصبح أشبه بالمستحيل في دولة فوق القانون الدولي، ولم يسبق لها أن أدينت ولو لمرة واحدة رغم خرقها المتكرر للقوانين والمواثيق، وضربها بعرض الحائط كل الاتفاقات والأعراف الدولية.

نشد بحرارة على يد الأسرى الشجعان الذين يخوضون معركة فاصلة ليس فقط من أجل انتزاع حقوقهم المشروعة من أنياب المحتل الإسرائيلي ولكن كذلك من أجل إيقاظ الضمير العالمي في انتظار النصر في المعركة الأكبر.

إن معركة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي لا ولم تكن يوما معزولة عن معركة الشعب الفلسطيني بشكل عام والمنادي بالاستقلال وتقرير المصير وزوال الاحتلال بعد سبعة عقود من النكبة التي حولته إلى شعب غريب في أرضه ولاجئ في دول الجوار والعالم. وإن وضعا كهذا ليسائل الضمير العالمي الذي ما زال غائبا ومغيبا عن واقع القضية الفلسطينية.

لقد ظلت القضية الفلسطينية لعقود عديدة محصورة في طابعها العربي الخالص، وهكذا فهي كانت ومازالت توصف بأنها صراع "عربي/إسرائيلي"، وسواء كان السبب في هذا الفهم الضيق للقضية الفلسطينية هم العرب أنفسهم أم كان للجانب الآخر دور في ذلك أم كان العاملين معا مسؤولان عنه، فإن هذا التصنيف هو بالضبط ما جعلها قضية إقليمية لم ترق بعد إلى أن تنال الاهتمام العالمي الذي تستحقه، وهو بالتالي ما جعل إسرائيل تتمادى في ممارساتها القمعية تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

ورغم أن الدعم الدولي للقضية الفلسطينية من قبل أحرار العالم بدأ منذ بداية القضية ولم يتوقف يوما سواء أثناء الكفاح الشرعي أو مع توالي المبادرات السلمية من تظاهرات في كل أنحاء العالم ومحاولات كسر الحصار عن قطاع غزة عن طريق البحر إلا أن ذلك كله ظل غير كاف من أجل الضغط على القوى العالمية قصد إجبار إسرائيل على وقف احتلالها الغير شرعي للأراضي الفلسطينية وتمكين الفلسطينيين من دولتهم المستقلة بعاصمتها الشرعية "القدس".

ولعل هذا هو ما يبرز أهمية معركة الأسرى التي تدور رحاها هذه الأيام في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فالأسرى الفلسطينيون بتمسكهم بحقهم الشرعي في مواصلة إضرابهم عن الطعام حتى تحقق جميع مطالبهم العادلة يزيدون من تضيق الخناق على السلطات الإسرائيلية التي لا شك أنها ستذعن في النهاية للإرادة الحديدة لأبطال فلسطين، وهو ما يثبته محاولتها الدنيئة لفبركة وقائع مشينة للمس من جهة بلحمة الأسرى ودفعهم للتوقف عن إضرابهم ومن جهة أخرى لتكسير موجة التضامن الشعبي وخصوصا الدولي المتزايد مع هذه القضية العادلة.

وفي الختام فإنه لا يسعنا كمناصرين ومتعاطفين مع القضية الفلسطينية إلا أن نشد بحرارة على يد الأسرى الشجعان الذين يخوضون معركة فاصلة ليس فقط من أجل انتزاع حقوقهم المشروعة من أنياب المحتل الإسرائيلي ولكن كذلك من أجل إيقاظ الضمير العالمي في انتظار النصر في المعركة الأكبر، معركة استقلال فلسطين ونيلها للحرية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.