شعار قسم مدونات

انتخابات حماس.. التداول الديمقراطي للسلطة

blogs وثيقة حماس
أنهت حماس انتخاباتها الداخلية قبل أيام باستلام الأستاذ اسماعيل هنية رأس هرم القيادة السياسية فيها، وترجل عن المقعد الأستاذ خالد مشعل، تطبيقا لنظامها الداخلي، وفي هذا الحدث نسجل النقاط الآتية:
 
أولا:
حماس، كواحدة من حركات المقاومة الفلسطينية تعد، في هذا الأمر تحديدا، استثناء من باقي الحركات الثورية الفلسطينية، التي تعد قياداتها الأولى المتربعة على سدة الحكم خالدة في مكانها لا تتركه إلا بالموت، وبالموت فقط، ونادرا بالسجن، ويمكنك استعراض حركات المقاومة في العالم بشكل عام لتدرك أن قياداتها لا تتبدل، وتنحو إلى تقديس القائد مهما تعاظمت أخطاؤه.

ثانيا:
راقب العالم وترقب نتيجة انتخابات الحركة، وتابعت الصحف الورقية والإلكترونية ووسائل التواصل هذه الانتخابات، بل استعرضت آليات الانتخابات داخل الحركة بتفاصيل الأصل أنها سرية.

ثالثا:

شكلت انتخابات حماس حلقة مهمة من حلقات ترسيخ قبول الإسلام في هذه العصر بمفهوم التداول السلمي الشرعي للسلطة عن طريق الصناديق، فقبلها كانت الجزائر، ومصر، والمغرب، وتركيا.

أحسنت الحركة فك السرية عن جزء من نظامها الانتخابي، وهي إذ فعلت ذلك فقد نقلت شرعية انتخاباتها الداخلية ومشروعيتها من نطاق الحركة الضيق إلى العالمية الرحبة، وهي بذلك أشركت الآخر في جزء من تنظيمها القانوني، وشيدت فتحة مقبولة ينظر منها الآخرون إلى تنظيمها القانوني الأخطر، وهو النظام الانتخابي. ما شكل رأيا عاما بأن الحركة تسير وفق آليات قانونية معتبرة متوافقة مع المفهوم الحديث لتداول السلطة.

ويمكن للحركة زيادة تفاعل الآخرين بنشرها لنظامها الانتخابي كما هو معتمد داخليا لديها، ما يزيد من ثقة الناس في الحركة، ويزيدها قربا منهم، إذ السرية تثير في الآخرين الغموض والحيرة حول الحركة، والحركة في غنى عن ذلك.

رابعا:
أظهرت الحركة البراعة والوحدة والاندماج والتوافق بين مكوناتها في مناطقها الجغرافية المختلفة في طبيعتها الجغرافية وفي ظروفها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وخرجت متصالحة مع ذاتها، متوافقة مع محيطها، تزداد لحمتها بزيادة الثقة في الآليات والإجراءات القانونية، والنتائج التي ترتبت.

خامسا:
استطاعت الحركة إنجاز الانتخابات كاستحقاق له موعده رغم العوائق الكثيرة على الأرض، فجزء يقع داخل غزة ممنوع من الحركة، وجزء في الضفة الغربية المحتلة من الصهاينة والمضيق عليها كثيرا من السلطة، وجزء في السجون (الأسرى)، وجزء ممتد على مساحة الكرة الأرضية، وتمت الانتخابات عبر وسائل التواصل الحديثة، وقبل بها الجميع برضا واطمئنان.

هذا يكشف قدرة الحركة على التعامل مع أي وضع، وقدرتها الفذة على إنجاز استحقاقاتها القانونية في مواعيدها، حفاظا على ضوابطها القانونية، وحفاظا على استمرار تدفق القيادات عبر آليات انتخاباتها، وهذا له أثره في ديمومة عمل الحركة وفق معطيات الواقع، لا وفق التعلق بأهداب التاريخ.

سادسا:
بهذه الانتخابات أثبتت حماس قدرتها على خوض اللعبة السياسية، سواء في سيطرتها – عن طريق الانتخابات – على بقعة الأرض في غزة وإدارتها بشفافية تحدث عنها من زار غزة، أم في انتخابات الحركة الداخلية، وهذا التكامل الديمقراطي بين الحركة كجزء ثوري اسلامي مقاوم، وكسلطة حاكمة لها مظاهر الدولة، هذا التكامل يعكس طبيعة التنظيم الذي تؤمن به الحركة، وهو اتباع سنة التغيير في الأشخاص والاستراتيجيات بما يتوافق والواقع (فقه الواقع).

سابعا:

أظهرت الحركة البراعة والوحدة والاندماج والتوافق بين مكوناتها في مناطقها الجغرافية المختلفة في طبيعتها الجغرافية وفي ظروفها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

أثبتت انتخابات حماس ونتائجها أنها كانت وما زالت تصنع القادة، ولكنها لا تقدسهم، فبرغم رمزية القائد أبو الوليد (صناعة حماس) إلا أنه وفق نظام الحركة الانتخابي هو شخص غير مقدس، فعند الاستحقاق القانوني يطبق المعيار الموضوعي فقط، فترجل شامخا، وحل مكانه قائدا رمزا، وتستمر هذه العملية، وهذا سبب حيوية الحركة وديمومتها وانبعاثها في كل ظرف وفي كل مكان.

ثامنا:
شكلت انتخابات حماس حلقة مهمة من حلقات ترسيخ قبول الإسلام في هذه العصر بمفهوم التداول السلمي الشرعي للسلطة عن طريق الصناديق، فقبلها كانت الجزائر، ومصر، والمغرب، وتركيا، وهي بذلك، وهم، ينظرون إلى السلطة أداة لخدمة البشرية لا غاية تتوقف عند الوصول إلى الكرسي.

من المؤكد أن انتخابات لم تكتسب درجة 100 بالمائة على معايير الجودة، ولكنها من المؤكد اكتسبت درجة عالية من التقدير الموضوعي مقارنة بباقي الحركات الثورية المحلية والعالمية، خاصة حرصها على إجراء استحقاقاتها التنظيمية في مواعيدها رغم الظروف الصعبة التي تمر بها الحركة والمنطقة والعالم من حولها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.