شعار قسم مدونات

الرافعي.. ملك الإحساس

blogs - الرافعي

لطالما كان مصطفى صادق الرافعي رحمه الله حبيب روحي وملهمي في الكتابة، ولا أظن أنني أتشارك هذا الإلهام بمفردي بل يتشارك معي الكثير من القراء والكتاب والأدباء الرأي نفسه؛ كيف لا يلهمنا هذا العبقري، وهو من هو في الأدب، حتى لقب به "الرافعي نابغة الأدب وحجة العرب". وكيف لا يلهمنا وكتاباته ومقالاته شاهدة عليه، بأنه كاتب متمكن من جهابذة زمانه.

تحدى صعابا عديدة ليصل إلى ما وصل إليه، تحدى الجهل بالقراءة، واتباع كبار أدباء عصره؛ إذ لم يحصل الرافعي إلا على الشهادة الابتدائية، ولم يكمل تعليمه بسبب مرض ألم به في صغره منعه من إكمال دراسته النظامية، لكن ذلك لم يمنعه من إتمام القراءة الحرة والمطالعة ليكون هو الآخر متميزا في الكتابة الشعرية ثم النثرية. ويالها من رسالة أرسلها إلينا الرافعي بتحديه عاقبة مرضه بعدم الاستسلام له، وعدم فقدان الأمل في الحياة، والركون إلى ركن التذمر.

قال عنه الأستاذ محمد رشيد رضا : "ألأديب الأروع، والشاعر الناثر المبدع، صاحب الذوقِ الرقيق، والفهمِ الدقيق، الغواص على جواهر المعاني، الضارب على أوتار مثالثها والمثاني".

إرادة قوية كان يتمتع بها الرافعي رحمه الله جعلته ضمن القائمة الأولى في سلم الكتاب المؤثرين في الأدب؛ جمع أساليب البيان، وحباه الله بملكة اللعب بالحروف والكلمات، وأعطاه إحساسا خلاقا، تقرأ كتاباته فتدخل قلبك دون استئذان، فإن كان للرافعي لقب آخر غير لقب "نابغة الأدب وحجة العرب" فسيكون "ملك الإحساس". قال عنه الأستاذ محمد رشيد رضا : "ألأديب الأروع، والشاعر الناثر المبدع، صاحب الذوقِ الرقيق، والفهمِ الدقيق، الغواص على جواهر المعاني، الضارب على أوتار مثالثها والمثاني."

وإن تعددت الكتابات عن الأخلاق والجمال، والحب، والظلم، والفقر فلا تجد اللذة والاستمتاع إلا حين تتيه في أسلوب الرافعي ولغته الممتعة، التي يصوغ بها تلك الموضوعات بتعبير عميق يجد فيه الكبير والصغير، المبتدئ والمتمرس ذاته ونفسه. بإحساسه وجمال قلمه استطاع الرافعي أن يستميل عقولنا وأفكارنا، استطاع أن يعلمنا ما لم تعلمه لنا المدارس والجامعات؛ لطافة الحس ورقة الشعور.

شكرا للرافعي، علمنا كيف نكتب بقلوبنا، وكيف نوظف أساليب البيان لنبدع في الكتابة، لا أن نكتب لمجرد الكتابة. أن نحبك النصوص على طريقة الكبار. شكرا للرافعي لأنه في كل مرة كان يخط لنا فيها قولا، أو يسرد لنا قصة كان يسعدنا ويغوص بنا في عوالم مشوقة، كنا نعجز عن الوصول إليها دون تذكير منه.  "إن لم تكن عيوننا فأنت نورها، وإن لم تكن قلوبنا فأنت حبيبها."، لله أجرك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.