شعار قسم مدونات

عساكر قوس قزح الذين لا يُهزمون

ميدان - عساكر
أي درس درسناه في المدرسة لن يكون أهم من الدرس الذي علمه باك هرفان للعساكر الصغار في رواية "عساكر قوس قزح"؟ "الدرس الأول الذي تلقيناه من باك هرفان يدور حول ثباتنا على الإيمان والرغبة الجامحة في تحقيق أحلامنا، أقنعنا بأن الحياة قد تكون سعيدة حتى مع الفقر، ما دام المرء يعطي بصدق أكثر مما يأخذ".كما علمهم مدير مدرسة المحمدية أن "روح العطاء هي أن نعطي بقدر ما نستطيع وألا نأخذ بقدر المستطاع". سيعلمك العساكر الصغار ومعلمتهم الخارقة بالقصص الطريفة والعجائبية أهم دروس الحياة.

الرواية شبيهة بالسيرة الذاتية، لكنها ليست كذلك تماما، يرويها أندريا هيراتا هدية لمعلمته. هي قصته وتلاميذ صفه العشرة الذين يعيشون بيليتوج شرق سومطره، تلك القرية الصغيرة التي سلبت الشركات ثرواتها. يمتلئ الكتاب بالقصص الصغيرة والمميزة التي بسحرها جعلت الكتاب يحطم رقما قياسيا في المبيعات في أندونيسيا وهي بلد الكاتب.

عساكر قوس قزح علموني ماذا يمكن أن تبذل لتنقذ أغلى ما تملك. بالنسبة لهم ضحوا لأجل مدرستهم حتى "لوكان بهم خصاصة". المقارنات التي بين تجربتي وتجربتهم مثيرة؛ مثلا أبي وأمي يبذلان كل جهدهم حتى لا يضطروا لإشراكنا في حافلة المدرسة لأن رحلة الانتقال من بيت لآخر "ستتعبنا". بينما يغادر العساكر بيوتهم من الفجر ويذهبون إما بدراجة مهترئة أو مشيا على الأقدام.

 

في عالمنا العربي قصة العساكر معكوسة، فاهتم عساكرنا بالقوة العسكرية بينما تهتم دول مثل تايوان ومريشيوس وسنغافورا بالتعليم والقدرة على النهوض

شعرت بالحرج من العساكر، كثيرة هي الأشياء التي لا نبذل جهداً للحصول عليها، ولا نبذل جهد للحفاظ عليها، كثيراً ما نتذمر من الدراسة او العمل أو لا نشعر بالامتنان لحالنا، أطفال قوس قزح يقاتلون بشدة مدركين أن فرصهم محصورة.

يؤمنون أنهم عملوا ما بوسعهم و أن العلم الذي اكتسبوه يستحق العناء،و أن أيام الطفولة في كنف معلمين محبين سبب للامتنان. هذا الدرس الذي لن أنساه ودرس لا يقل أهمية هو كيف تستمتع بوقتك "حتى مع الفقر" غير نظرتي اتجاه الكثير من الأشياء. جميعنا ندرك أن الكل كافح والبعض يواجه تحديات أكثر بكثير بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية.

كثيراً ما نشعر بالشفقة تجاه الفقراء معتقدين أنهم يعيشون حياة بائسة غير مدركين أننا أحياناً مثيرون للشفقة، هذا لا يعني أن الفقر أفضل، في هذا الكتاب ستجد كيف يتفنن الاطفال في اختراع الألعاب على عكس ما يحدث في وضعنا الحالي فنحن نخترع للصغار ألعاب الكترونية تكبح مخيلتهم. عدا عن الألعاب الممتعة والتزحلق على أوراق الموز.

كان أحد العساكر(مهار) قاصاً محترفاً أو كما نسميه في عائلتنا أبو عدي (هو الكهربجي الذي يعمى عند بيت عمي يؤلف حكايا غير قابلة للتصديق لكن بتفاصيل ثرية) والمضحك أن أذكى العساكر "لينتانج" يصدقه.

ستنبهر بعبقرية لينتانج وستفرح لفوزه على المدارس الراقية في مسابقة ذكاء، فملأ خزانة كؤوس المدرسة التي ظلت فارغة بكأس الجائزة الأولى. وهو درس على يد مدرسين فقط بو مس وباك هرفان كان بلا شك معلم نفسه. ألهمني الجهد الذي بذله لينتانج لينقذ مدرسته من المفتش الجائر الذي يفتش على وضع المدرسة من ناحية المظاهر.

في عالمنا العربي قصة العساكر معكوسة، فاهتم عساكرنا بالقوة العسكرية بينما تهتم دول مثل تايوان ومريشيوس وسنغافورا بالتعليم والقدرة على النهوض بالرغم من قلة مواردها. يمكن أن نكون نحن أيضا عساكر قوس قزح فننهض بأنفسنا كأفراد، فنصبح أكثر رضا وننهض بدولنا أيضا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.