شعار قسم مدونات

الصومال الأسير.. بين النظام العسكري والنظام القبلي الدكتاتوري

blogs-الصومال
في أحيان كثيره النظام القديم أفضل بكثير من النظام الجديد خاصة إن لاحظت الأنظمة العربية التي تميزت بلا افتخار بأنها أنظمة استبدادية، وهناك أمثلة مثل الصومال والعراق وليبيا واليمن ومصر فهذه الدول كانت تنعم بالأمن، والحياة فيها كانت نوعا ما مقبولة، وما ضاق الناس من الحكم العسكري لإن من يحكم لا يقبل أن يزاحمه أحد على سدة الحكم.

الصومال عاشت عصرها الذهبي بظل النظام العسكري وعاشت مجدها في ظل نظام يكتم على كل صوت ينبح للمطالبة بالديمقراطية ولكن الكثير الذين يعارضون الحكم العسكري يتمنون لو يعود، والسبب عندما تم القضاء علي الحكم العسكري لم يكن هناك بديل سياسي يشغل الفراغ الذي تسبب به من كانوا يطالبون بإسقاط النظام العسكري كما يصفونه بالدكتاتوري.

سقط النظام ودحل الصومال دوامة الحروب الأهلية والتنازع على من يقود المرحلة القادمة، كل قيادي من الجبهات التي أسقطت الحكم العسكري كانت تعتبر نفسها أنها هي من لها الحق بالتمثيل للمرحلة القادمة، وطبعا كل جبهة كانت تمتلك من الذخائر حتي تسحق الآخر، فعاش الشعب الصومالي فترة السحق من قبل قيادات اعتبرتها فترة من الفترات أنها ربما تكون خيرا من النظام القديم، ولكن الشعب الصومالي وجد نفسه أمام النزوح والهروب أو العيش في بيته وهو يعلم أن أجله إن لم يكن اليوم فغدا، وبين هذا الصراع ولدت أجيال إما أنها تربت بالغربة وإما أنها لا تعشق إلا ريح البارود وإما تابعة حتي تعيش بسلام وتبني الصومال التي سمعت عنها أنها يوما حورية أفريقيا.

سقط النظام القديم والقبليون الجدد لم يجعلوا من الصومال إلا قصة رعب لا تنتهي فكلما أحسسنا بأن الغد أفضل يأتي الغد والحكم القبلي الدكتاتوري يسدل الستار.

سقط النظام القديم الدكتاتوري وسقطت الصومال ضحية عشرات الدكتاتورين من أبناء العشائر والقبائل، وكل سياسي عاش في حقبة النظام السابق لجأ إلى قبيلته وعشيرته وأرسل استغاثة وا قبيلتاه، واستخدم علاقاته بإثيوبيا وكينيا حتى تدعمه بالسلاح، وبما أن النظام الصومالي السابق عدو للكيان الإثيوبي والكيني ومعرفتهم بالكيان الصومالي وفرو له المناخ المناسب وطبق القيادات الصومالية مقولة بيدي وليس بيد عمر.

سقط النظام القديم وجاء الجديد بدول القبيلة فكل قبيلة خاصة من يمتلك الموارد والمدعوم من عدو الأمس بتأسيس دويلات وأصبح الصومال نسخة من ممالك الأندلس فكل قبيلة عملت لها كيانها الخاص وعلمها الخاص ورئيسها الخاص وجيشها الخاص والبعض وصل به الأمر إلى فتح سفارات وهمية لا تتعدى حدودها إثيوبيا وكينيا والبعض يسرف أموالا خيالية على حساب المساكين من شعب قبيلتهم لنيل الاعتراف والاستقلال ويشعل الكراهية ليل نهار لتفكيك القومية الصومالية.

سقط النظام القديم وجاء الجديد بهجرة الشباب الصومالي من أرضه ووطنه إلى بقاع الأرض باحثا عن متنفس للتعليم وعن حياة أفضل، فمات الكثير وما زال الكثير يموتون بالبحار أو على الطرق الصحراوية تاركين خلفهم الدكتاتورية القبلية التي هدمت كل شيء جميل بالصومال، من كل بقعة بوطني ترى أبناء وطني يلقون الويلات فكم دكتاتوريا سيتحملون.

سقط القديم والدكتاتوريون الجدد الذين لا يقبلون إلا بتمجيد القبلية ولعق أحذية أعداء الأمس للحفاظ على كرسيهم الذي لن يأتي لأنهم لا يعلمون أن العدو الذي أصبح صديقا صدوقا ليس همه إلا تدمير أجيال الأجيال، وما هم إلا مرحلة وسيورثون حقدهم وكرههم للأجيال القادمة التي لن تعرف لِم ضاع الوطن وما سبب كره الصومالي لأخيه الصومالي.

سقط النظام القديم والقبليون الجدد لم يجعلوا من الصومال إلا قصة رعب لا تنتهي فكلما أحسسنا بأن الغد أفضل يأتي الغد والحكم القبلي الدكتاتوري يسدل الستار، إننا لن نرى النور ولن يأتي الصومال.

مشكلتنا كعرب أننا ندمر اليوم المر بنظرنا من أجل غد جميل، ولكن للأسف الغد كيف سيكون جميلا إن لم يكن هناك بديل أو من يسد الفراغ، سياسيونا ومن يدعوننا للتمرد لا يعرفون وقت السقوط كيف ينتشلون شعبا أغرقه بحر الظلمات لذلك بدأت أؤمن أن القديم كان أفضل ولم أعد أريد غدا جديدا يأخذنا إلى ما نحن عليه من ظلام.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.