١٠ أعوام ونصف مرت على حرب تمّوز لبنان، ١٠ أعوام و في كل عامٍ أستذكر تلك اللحظات التي عشناها وعشتها في أول حرٍب أشهدها في حياتي، كنت لا أزال في الرابعة عشر من عمري.
مضى اليوم الأول و الثاني و الثالث و الرابع حتى اليوم التاسع عشر، لا جديد في الحرب، و القذائف بدأت تستهدف مناطق أعمق في لبنان، حتى كان اليوم العشرين الذي حسم الأمر، سنغادر اليوم إلى سوريا، "كيف رح نطلع، والباقي شو وضعن؟"، هكذا الحرب، كلٌ يريد أن يخاطر بالخروج أو البقاء بأقل ضرر ممكن، لكن طريق المصنع مستهدفًا، "إللي كاتبه ربنا بصير"، اتصال هاتفي يخبرنا أن لا نذهب من طريق المجدل بل علينا أن نسلك طريق برالياس بسبب استهداف الطريق الأول، "وإنتوا؟ الحامي الله"، التقينا لاحقًا في سوريا بمن استطاع المغادرة.
علينا أن نشارف على الموت أو نستشعر خطر فقدان شيء ثمين، كي تتحرك فينا غريزة الدفاع والمقاومة للوصول. |
خلال عشرين يومًا، كان العالم كله يحتفل بمباريات كأس العالم بما فيهم عائلتي، الأعراس و احتفالات النجاح كانت تُقام من دون أي ضمانات لسلامة المدعوين، المغتربون لا زالوا يتوافدون إلى لبنان حتى بعد قصف المطار ثالث أيام الحرب عن طريق سوريا، في ساحة الدار الكبيرة تجتمع العائلة و الجيران أمام شاشة التلفاز كل مساء لمشاهدة المباريات، هل هي غريزة حب الحياة؟
نركض إلى السطح في كل مرة نسمع فيها صوت قذيفة في الهواء، نراقب سقوطها لنحدد مكانها ثم نسرع إلى الهاتف لنطمئن على من نعرف من تلك الجهة، و رغم كل ذلك استمرت الحياة.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.