ظلموها مرة ونظلمها الأن مرة والظلم خرج من قلب مصر مرة بعيون المثقفين وتارة أخرى بأفواه السياسيين.
المرة الأولى عندما صوروا لنا سيرتها على شاشات السينما بعدسة المخرج نيازي مصطفي وبأقلام الكتبة عبد الفتاح مصطفى وسنية قراعة فصوروها لنا بأنها راقصة غانية وبائعة هوى وكانت حياتها ومسيرتها حافلة باللهو والعبث.
عندما تمت مجزرة الفض كانت الصدمة بأن أولئك الإرهابيين هم صفوة عقول المجتمع الفكرية والعلمية |
شحنوا الشعب وزرعوا الفتنة بين أبناء الوطن الواحد وكيف لا ومصر بها إعلاميون تدربوا في مدرسة جوزيف غوبلز وزير الدعاية في عهد ألمانيا النازية، ولا أبالغ عندما أقول ربما فاقوا هذا الزعيم النازي الكبير، فقد كذبوا حتى صدّقهم الناس. لقد أثبت إعلاميو مصر صحة هذه النظرية بجدارة، فجعلوا المواطن المصري البسيط يصدق أن أبناء رابعة والمدافعين عن الشرعية وحماة الديمقراطية ما هم إلا صفوة من المخربين والمجرمين، وعندما تمت مجزرة الفض كانت الصدمة بأن أولئك الإرهابيين هم صفوة عقول المجتمع الفكرية والعلمية.
لقد ظلموا رابعة عندما شحنوا المواطن المصري البسيط على أبناء رابعة لجمع التأييد الشعبي لارتكاب أبشع جريمة في تاريخ مصر وبلاد العرب أجمعين مجزرة رابعة.
لقد ظلمنا رابعة قبل القضاة، ظلمناها بصمتنا عن حقوق إخوان الوطن المعذبين في الأرض، وكما قال مارتن لوثر كينغ "المصيبة ليست في ظلم الأشرار بل في صمت الأخيار"، وهذه هي مصيبتنا؛ الصمت والسكوت ثم الخضوع والخنوع.
حتي لا تتكرر رابعة سجلوها بكتب التاريخ وعلموا الأجيال العربية الناشئة بأن الدم العربي أغلى من آبار النفط والغاز |
وحتى لا تتكرر رابعة قولوا لحرس الحدود وحماة النظام يا شيوخ الأمة حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق"، ولا تحرضوهم على ثالث السبع الموبقات. وحتى لا يتكرر ظلم رابعة أقيموا العدل يا قضاة القضاء قبل الوقوف بين يدي قاضي القضاة. وحتي لا تتكرر رابعة سجلوها بكتب التاريخ وعلموا الأجيال العربية الناشئة والقادمة بأن الدم العربي أغلى من آبار النفط والغاز، وقصوا عليهم قصص قوم عزائمهم كانت أقوى من الرصاص. علموا الصغار أن الديمقراطية وتطبيقها وحمايتها والدفاع عنها صارت مصدر فخر للشعوب.
أيها الشهداء حقاً لقد تبنا إلى الله، ورجعنا إلى الله، وندمنا على ما فعلنا. أيها المعتقلون القابعون في السجون لقد ندمنا يوم لا ينفع الندم.. ندمنا يوم مجزرة رابعة والنهضة.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.