شعار قسم مدونات

عامٌ ومائةُ يوم

مدونة-معبر رفح

كانت الساعة تشير إلى العاشرة من مساء الأربعاء الموافق لـ 19-08-2015 عندما انطلق باص الترحيلات الذي اعتاد نقل المسافرين الفلسطينيين من معبر رفح إلى مطار القاهرة و قد وافق الدخول وقت حظر التجوال في شمال سيناء

عبد الله أبو الجبين ياسر زنون عبد الدايم ابو لبدة و حسين الزبدة؛ شبابٌ في مقتبل العمر حملوا أحلامهم و ودّعوا ذويهم تلك الأحلام التي كانت أقل بكثير من أن توصف، لكن واقعهم الصعب بقطاع غزة المحاصر جعل من إتمام الدراسة في الخارج حلماً لكثيرٍ من الشباب، ومثله كان السفر للعلاج خاصة للحالات التي يصعب على مشافي غزة بإمكانياتها المتواضعة و مشاكلها المتراكمة متابعتها.

حلم العلاج والعلم لدى هؤلاء الشباب جعلهم يقررون مغادرة القطاع نحو تركيا، وكان لابد أن تمر هذه الرحلة من منفذ رفح بوابتهم الوحيدة للعالم الخارجي، الذي لا يفتح إلا مراتٍ شحيحة ومحظوظٌ ٌ جدا من يتمكن من السفر نتيجة كثرة العالقين والمسجلين للسفر في الجانبين.

أسعف الحظ الشباب الأربعة بموافقة السلطات المصرية على سفرهم و كانت أسماؤهم من بين المسموح لهم بالسفر، وعليه كان سفرهم عبر منفذ رفح البري بالطرق الرسمية والشرعية حيث أتموا كافة الإجراءات القانونية لدى السلطات المختصة في معبر رفح المصري وسمحوا لهم بالتوجه لمطار القاهرة يوم الأربعاء بغرض الدراسة والعلاج في تركيا.

لم تدم ابتسامة الشباب طويلا ووقع ما لم يكن في الحسبان حيث تم اختطافهم واختفاؤهم في الأراضي المصرية من حافلة الترحيلات المتوجهة إلى مطار القاهرة. مرت الأيام تلو الأيام  محاولة بعض الجهات في غزة مستمرة في إجراء اتصالات مع الجانب المصري لمعرفة حيثيات الحادثة و مصير الشباب المختطفين الا أنه لا جوابَ شافٍ في وقت اختارت فيه السلطة الفلسطينية بكل فروعها المخابراتية و الدبلوماسية الصمت وعدم التعليق على الحادثة .

العملية تركت أثراً جداً سيء وحالة نفسية صعبة سواء بالنسبة لأسر وعوائل المختطفين الذين يجهلون لغاية اليوم بعد مرور عامٌ ومائةُ يوم حال أبنائهم، كما تركت أثراً سيئاً في عموم المواطنين الطامحين للسفر أو الراغبين في ذلك حيث أصبح السفر من خلال بوابة رفح مغامرةً كبرى.

قضية المختطفين الفلسطينيين الأربعة في مصر قضية حقوقية إنسانية بدرجة أولى تستوجب تحرك عاجل من كل الأطراف

بدأت الاعتصامات لأهالي الفلسطينيين الأربعة المختطفين في سيناء أمام معبر رفح البري، مطالبين السلطات المصرية بضرورة الكشف عن مصيرهم والإفراج عنهم، حاملين شعار أعيدوا المختطفين والذي أطلقه ناشطون تضامنا مع أبنائهم.

وكان لا بد أن تتكاثف كل الجهود والتوجه لـمعرفة مصير الشبان الأربعة، وأن يقف الجميع عند مسؤوليته تجاه قضية المختطفين خاصة بعد بث قناة الجزيرة صورة مسربة لاثنين من المختطفين وهما داخل مقر أمني في العاصمة المصرية القاهرة. تبدأ المسؤولية هنا من السلطات المصرية لأن الحادثة وقعت على أراضيها وفي حمايتها وعليها الكشف عن مصيرهم والإفراج عنهم.

وغابت مسؤولية السلطة الفلسطينية وكل أجهزتها التي كان من المفترض لها التحرك العاجل و الجدي لمعرفة مصير الشباب والعمل على الإفراج عنهم وإعادتهم لأسرهم كونهم مواطنين فلسطينيين

أهالي المختطفين صالوا وجالوا وناشدوا وطرقوا أبواب المنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية و الدولية للضغط على كل الجهات من أجل معرفة مصير المختطفين والحفاظ على سلامتهم و الإفراج عنهم في القريب العاجل، وذلك من باب دفاعها عن مبادئها التي تنطلق منها في الحفاظ على كرامة الإنسان و حياته و الدفاع عن حقوقه في التعليم و العلاج والعيش الكريم والحياة بكل حرية وهي ما يفتقد له أهل غزة.

ويجب على هذه المنظمات والجهات الضغط و العمل على ضرورة إيجاد صيغة تضمن تنقل المواطنين من غزة في ظروف آمنة تصون كرامتهم، وتحافظ على حياتهم و تسهل تنقلهم خاصة المرضى والطلبة بعد وجود انفراج مهم في الموقف المصري تجاه قطاع غزة وأن ينعكس إيجاباً بفتح معبر رفح وإنهاء الحصار.

إن قضية المختطفين الفلسطينيين الأربعة في مصر قضية حقوقية إنسانية بدرجة أولى تستوجب تحرك عاجل من كل الأطراف.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.