شعار قسم مدونات

تنظيم الدولة المسيحية في أوروبا وروسيا (دمار)

blogs-حلب

إنّ ما يحدث من قتل ودمار وتشريد في سوريا والعراق يتحمله بالدرجة الكبرى الكتلة الشرقية متمثلة بروسيا والكتلة الغربية متمثلة بأمريكا وأوروبا، الأولى لحمايتها للنظام ومشاركتها في القتل والتدمير والثانية لإغفالها النظام ومقاتلتها عدو من صناعتها أسمته داعش.

ولو جاز لنا مجازاَ وعلى قافية داعش، أن نطلق على هاتين الكتلتين باسم تنظيم الدولة المسيحية في أوروبا وروسيا لخَرَج لنا المختصر من أول حرف (دمار) وهو بالفعل كذلك، فما تسببت به روسيا منذ دخولها على خط العمليات لجانب النظام السوري الإجرامي وكذلك دول التحالف الغربي من قتل وتشريد ومجازر أضعاف أضعاف ما ارتكبته داعش من جرائم.

وإذا رجعنا إلى الجذور الحديثة لهذه المعركة بكتلتيها الشرقية والغربية تجاه الوطن العربي والعالم الاسلامي سنجد أنها كانت في مرحلتين:

1- المرحلة الأولى: ما بعد أحداث سبتمبر
بعد أحداث سبتمبر عام 2001، تفوه الرئيس الأمريكي جورج بوش (الابن) ما أسماها زلة

إن المناخ الذي ساد الوطن العربي بعد انطلاق الثورات العربية والتي كان وقودها الشباب، افتقد في معظمه إلى القيادة الثورية الواعية

لسان لما تحدث عن حرب صليبية، وهي فعلاً كذلك حيث بدأ المشروع الاستعماري في أفغانستان ثم العراق، كمشروع استراتيجي تدميري للمنطقة العربية والاسلامية.

ولميزة العراق الجيوسياسية هَدَفَ المشروع إلى التمدد كبقعة الزيت إلى البلدان المجاورة للعراق، وخلْق صراعات عربية واسلامية على أساس طائفي وديني، وجعل فاتورة الحساب تدفعها الدول العربية من خلال النفط والغاز.

وبالتوازي ورغم ضعفها الاقتصادي آنذاك كانت روسيا تدعم النظام الإيراني في التمدد والانتشار حول المنطقة باتفاق غير معلن (تبادل أدوار) مع أمريكا التي كانت تتستر على الجرائم الطائفية وتهديدات ايران للأمن الخليجي مستخدمة أسلوب العصا والجزرة تجاه المشروع النووي الايراني، وتوفير غطاء ضبابي في مجلس الأمن الدولي.

لكن هذه المرحلة بدأت تتصدع وتتآكل من خلال الوعي الثوري الذي خلقه الاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان، وصولا لانطلاق الثورات العربية، التي كانت عنوان المرحلة الثانية في استغلال القوى العالمية لها لتقسيم جديد للمنطقة (سايكس بيكو 2).

2- المرحلة الثانية: الثورات العربية
بدا أن معظم أجهزة الاستخبارات العالمية لم تكن مهيأ بالشكل المناسب للثورات العربية التي انطلقت شراراتها من تونس عام 2011، فمعظم التقديرات الاستراتيجية لم تقدر ما حدث في تونس ومصر وليبيا، ودل على ذلك الإخفاق في التخطيط والتعامل مع هذه الثورات حيث اعترف الرئيس الامريكي أوباما في مقابلة مع قناة "Fox News" عن أسوأ خطأ ارتكبه.

وقال: "ربما يكون الفشل في التخطيط ليوم ما بعد التدخل في ليبيا" كان هذا الاعتراف هو نقطة التحول في التعامل مع ملفات سوريا والعراق واليمن، وكان التكتيك المتبع هو استمرار شلال الدم بين الأطراف، وصناعة داعش لحين وجود جهة مناسبة لما بعد بشار التي لم تتوفر إلى الآن..
لماذا صُنعت داعش؟

إن المناخ الذي ساد الوطن العربي بعد انطلاق الثورات العربية والتي كان وقودها الشباب، افتقد في معظمها إلى القيادة الثورية الواعية المُوجِهة لطاقات الشباب، هذا المناخ استغلته جميع الأطراف لتحقيق أهدافها وتحويل هذه الطاقة الى مشروع دموي يأكل بعضه البعض، وكانت الأسباب الرئيسة التي استغلتها الكتلتين الشرقية والغربية في صناعة داعش هي:

1- إن كل الجماعات الإسلامية بدون استثناء تنادي بعودة الخلافة وإن اختلفت الوسائل والأهداف والآليات فيما بينهم، فجاؤوا لهم بدولة الخلافة الإسلامية المزعومة، ليقولوا لنا هذه الخلافة التي تريدون؟!.

2- استغلال الفجوات بين الفصائل الإسلامية التي برزت بعد الثورة السورية من خلال اختلافهم على الأهداف الثورية وأولويتها، فأضحت كل دولة تدعم فصيل معين وصولا إلى حرف البوصلة واقتتالهم فيما بعض.

3- استغلال النفير العام الذي أطلقه العلماء المسلمين بالدعوة إلى الجهاد في سوريا والبذل والتضحية بالنفس والمال، من خلال عدم وجود جهة ميدانية واضحة لاستيعاب الطاقات الشبابية الإسلامية العالمية التي توجهت الى سوريا فتم التقاطها من قبل تنظيمات مصطنعة ومخترقة من أجهزة المخابرات العالمية وتوجيهها حسب أهدافها الباطنة.

هل كل من انتحل شخصية الإسلام هو مسلم كلا إنّ الإسلام له عناوين واضحة وتنطلق منها مقاصد شريعتنا

4- الصحوة السنية في العراق والتفاف الجميع حولها، تم اختراقها من خلال مشروع (المالكي، إيران، الغرب) بمظهر استسلام الجيش العراقي في الانبار والرمادي والموصل وهكذا قامت الخلافة الإسلامية بين يوم وليلة.

5- استغلال الإرث البعثي في العراق، وتعميق الثارات الطائفية لدى لشيعة تجاه السنة، من اختراق صفوف داعش، وتبوأت قيادات بعثية ميدانية مكاناً في داعش المشهور عنها بدمويتها، حيث أضحى تنظيماً خليطاً كالشركات الأمنية القابضة.

ومع كل الظروف التي هيأتها الكتلتان الشرقية والغربية لداعش، لم يكتفوا بشلال الدم والجرائم التي ارتكبتها والشروخ التي سببتها والأموال التي بددتها، ظهر بعد ذلك حالة الوعي الثوري الجهادي الجديد تجاه داعش، وكذلك عدم مقدرة إيران وحزب الله على انقاذ النظام السوري، فبدأ التدخل الروسي الدموي غير المسبوق تجاه الشعب السوري مستغلا حالة التردد السياسي لدى أمريكا والغرب بمزيد من القتل والدماء بالآلاف.

وذلك في ظل عدم قدرة الأمم والمتحدة أو مجلسها الأمني من إصدار إدانة واحدة، فظهرا جليا وكأن تنظيما جديدا على غرار داعش هو من ينفذ هذه المجازر، لنرجع إلى التاريخ فسيخبرنا فعلا أن هذه هي الحملات الصليبية (2) ولكن باسم جديد هو تنظيم الدولة المسيحية في أوروبا وروسيا (دمار).

فلو سألنا أنفسنا لماذا تأسست داعش هنا ولماذا جاؤوا بها إلى بلادنا ألا يوجد في الهند أكثر من 4 الآلاف ديانة، وفي أمريكا اللاتينية التي تملأها المافيات والمخدرات مثلا ولم تظهر عندهم مثل داعش.

الإجابة واضحة لأننا الأمة الوحيدة التي تملك مشروعاً حضارياً راقياً لقيادة العالم بأسره، لذا يخافون وحدتنا وقوتنا ومشروعنا، فهلا استيقظنا ولفظنا قياداتنا الانهزامية وأعدنا الكرة بثورات واعية تسترد الحرية والكرامة لشعوبنا وأمتنا وانطلقنا بمشروعنا الحضاري.

وأخيرا من قال إن داعش تنظيم إسلامي، هل كل من انتحل شخصية الإسلام هو مسلم كلا إنّ الإسلام له عناوين واضحة وتنطلق منها مقاصد شريعتنا، متمثلة بأركانه الخمس وذروة سنامه الجهاد على بصيرة وتحيته الدائمة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.