تحرير سوريا ليس سوى الخطوة الأولى في مسيرة طويلة وشاقة نحو بناء دولة تعكس طموحات شعبها. وهي اليوم على أبواب فصل جديد، فهل ستتمكن من كتابة هذا الفصل بأيديها؟
محمد سرميني
المدير العام لمركز جسور للدراسات
الجديد من الكاتب
تدفق المحتوى
المعطيات الأخيرة تكشف سعيًا واضحًا من قوى إقليمية ودولية لإنهاء النفوذ الإيراني في سوريا، بدءًا من الشمال، مع تصعيد مرتقب لاستهداف هذا النفوذ في الجنوب.
تشير التوقعات إلى أن التطورات المتلاحقة في الشرق الأوسط قد تسفر عن صياغة معادلة إقليمية جديدة تشكّل خريطة نفوذ سياسي مغايرة في المنطقة.
العالم ينتظر الانتخابات الأميركية وتداعياتها الكبرى على المشهد الإقليمي، وهذا المسار يكرس استقرارًا مرحليًا لرجلين في المنطقة هما بنيامين نتنياهو وبشار الأسد، بانتظار ساعة الحسم في الصناديق الأميركية.
إن أهمية الدول الإقليمية وخاصة دول الجوار في حل الأزمات لا تقل عن أهمية مواقف الفاعلين الدوليين الكبار، بل قد تساهم في الكثير من الأحيان بعض الدول الإقليمية في تشكيل مواقف الدول الكبرى حيال قضية ما.
تحاول فرنسا وضع لبنان ضمن سلّتها التفاوضية، وأن يشكل لها خطَّ تواصل مع إيران عبر حزب الله؛ لتقدم نفسها بأنها المحاور الغربي لإيران، ولكنها لم تستطع أن تخفي مصالحها الاقتصادية في لبنان، وكذلك مع إيران.
تبدو السيناريوهات الإسرائيليَّة أكثر صعوبة نتيجة المواقف العربيّة والدولية، وخاصةً أنَّ في محيط نتنياهو مَن أصيب بمتلازمة الثأر، تحت عنوان استدعاء مشهد 7 حزيران 67 في مواجهة إسرائيل لأكثر من دولة.
هناك ضرورة لأن تكون الحرية والكرامة سرديةَ الثورة السورية، مثلما لاصقت سرديةُ حق العودة النضالَ الفلسطيني على مدار العقود الماضية، وأن يكون عمل وبناء المؤسسات قائما على أساس هذه المبادئ نصّا وعملا.
لجوء الدول العربية إلى التطبيع مع دولة فاشلة بالمعايير القانونية والسياسية يمثل فشلا للمنظومة العربية حتى لو كان التطبيع غير مقصود لذاته، وهو الأرجح.
يبدو أن الدول المنخرطة في مبادرة التطبيع الثانية مع النظام السوري تأمل أن يسهم حضورها بالمشهد السوري في أن تصبح جزءا رئيسيا ومؤثرا في سياسات كل من الولايات المتحدة وروسيا.