الثورة العربية التي يشترط عليها كثيرون تحقيق معجزات مزمنة حتى يرفعوا عنها شبهة المؤامرة، ليست “شمشوم” القابع في مخيلة الذين ينتظرون هبوط المعجزات على القاعدين. فهي تنوء بأثقال الثورات المضادة الخارجية والداخلية في ظروف عالمية مأزومة.
قاسم عز الدين
قاسم عز الدين
الجديد من الكاتب
تدفق المحتوى
ينبه قاسم عز الدين في هذا المقال إلى أن القضاء اللبناني لا يحق له التنازل عن صلاحيته للقضاء الدولي أو لأي سلطة أخرى في التحقيق والادعاء والدفاع عن المتهمين اللبنانيين وفي المحاكمة، رادا سبب التنازل إلى الصراع السياسي والتدخل الدولي.
بينما تمور البلدان العربية كلها بثورات لإسقاط النظام، تبدو الطبقة السياسية والنخبة الثقافية في لبنان خارج التاريخ في بلد منسي أو مؤجل. والغريب أنه كلما انسدّت شرايين الحياة في النظام، تمسّكت الطبقة السياسية والنخب بمخيال نظام لم يتغير.
يستعرض الكاتب الحراك السياسي الفلسطيني وأشكال الرؤى الممكنة للتغيير بعد أن هبت رياح الثورة العربية على المنطقة, موضحا أن الثورات العربية تعلّم من يريد أن يتعلّم أن المراهنة على إصلاح السلطة عبثية, وأن العمل على إعادة البناء ممكن، لكن بعد إسقاط النظام.
متشابهات كثيرة بين ثورتي تونس ومصر ومفارقات كبيرة أيضا, ومن أصعب المفارقات كما يراها الكاتب أن الثورة المضادة في تونس بدأت بعد أن وصلت الثورة إلى قاب قوسين أو أدنى من إسقاط النظام، بينما بدأت الثورة المضادة في مصر مبكرا.
يحمّل عز الدين القضاء اللبناني مسؤولية ما يحدث في البلاد حين ارتضى أن يضع سلطته تحت إبط السلطة السياسية، وارتضى لنفسه أن يتحوَل إلى مخبر لدى المحكمة الدولية وشاهد زور, وعلى ما تقوم به مخابرات وأجهزة دول “المجتمع الدولي” أثناء التحقيق.
يصف عز الدين القرار الاتهامي الذي سيصدره “المجتمع الدولي” آجلاً أم عاجلاً ضد المقاومة في لبنان، بأنه تعويض عن حرب لم يستطع استكمالها عام 2006، وتمهيد لحرب لا يستطيع أن يخوضها “المجتمع الدولي” اليوم، لكنه يعمل على توفير ظروفها استعداداً لاستكمال الحرب.
يتحدث عز الدين عن الفراغ السياسي العربي الذي تجلى في قمة سرت, معتبرا أن هذا الفراغ ليس ناتجا عن عجز العرب عن اتخاذ إجراءات حاسمة في القضايا المصيرية بل نتيجة الأسس التي تؤدي إلى هذا العجز والشلل في قراءة لغة المصالح.
يرى عز الدين أن أحداث قمة كوبنهاغن برهنت أن الدول الصناعية تسعى إلى تحميل العالم كلفة تبديدها للثروة المناخية, ولعلها المرة الأولى التي يشعر فيها العالم بضعف القوة الجائرة أمام العدالة, وهو مسار لن يكون مؤتمر كوبنهاغن فيه آخر المطاف بل بدايته.
يوضح قاسم عز الدين كيف كشفت الكرة بين بلدين عربيين في أسبوع هشاشة السلطة السياسية التي بلغت حاجة الغزو الهمجي, لكنها كشفت في المقابل عن إحساس الشعوب المشترك بمخاطر غريزة القطيع, مؤكدا أن تجمعات الجمهور الحاشد، مرتع خصب لفورة الغرائز وتنفيس الإحباط.