هذا المقال كتبه الدكتور عبد الوهاب المسيري -رحمه الله- للجزيرة نت قبيل وفاته، ويدعو فيه إلى سلوك طريق جديد يتجاوز الحداثة الداروينية التي أدخلتنا في طريق مسدود إلى حداثة إنسانية تحقق التناغم والعدل والسلام.
عبد الوهاب المسيري
الأستاذ الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله، مفكر عربي إسلامي
الجديد من الكاتب
تدفق المحتوى
يتناول المسيري –رحمه الله- في هذا المقال الذي كتبه للجزيرة قبيل وفاته أحد أهم العناصر التي تقوض الإيديولوجية الصهيونية، وهي أن يهود العالم ثبت أنهم ليسوا شعباً وإنما جماعات متفرقة, وأن إسرائيل تمثل لهم ديزني لاند أو متحفا يهوديا وأن دورهم تقديم الشيكات.
يروي د. عبد الوهاب المسيري (يرحمه الله) العديد من النكت الإسرائيلية ذات الدلالات, من بينها تخصيص عام للإنجاب.
النكتة لها وظائف عديدة، بعضها سلبي وبعضها إيجابي، فمن الناحية السلبية يمكن أن تكون النكتة مجرد تنفيث عن غضب مكبوت بخصوص أوضاع اجتماعية وسياسية غير مرضية وغير عادلة، ولكن بدلا من أن يحاول المرء أن يتمرد عليها ويغيرها فإنه يكتفي بإطلاق النكتة والضحك.
نحن نعيش في عالم يحولنا إلى أشياء مادية ومساحات لا تتجاوز عالم الحواس الخمس، إذ تهيمن عليه رؤية مادية للكون. ولنضرب مثلاً بالـ”تي شيرت”، إذ كان الرداء يُوظَّف في الماضي لستر عورة الإنسان, ومن خلال “التي شيرت” أصبح الإنسان مساحة لا خصوصية لها.
نظرا لشيوع مصطلح الحداثة الداروينية وهيمنته على الخطاب التحليلي، فإنه لا يمكن تجاهله، لكن علينا أن نوضح التضمينات المعرفية لهذه الحداثة. كما يجب أن نشير إلى أن الحداثة لها إنجازات لابد من استيعابها والاستفادة منها ولازب حين نتصدى لوحشيتها وحين نطرح البديل.
الحوار مع مجموعة من المسؤولين الأميركيين والأكاديميين والصحفيين الذين يمثلون رأي النخبة السائد في أميركا أظهر مدى تحيز وسطحية قطاع واسع من الرأي العام الأميركي لإسرائيل، وكشف مدى عدم مبالاته بتبعات السياسات الأميركية وما تفعله إسرائيل من تدمير لشعب كامل ولتطلعاته القومية.
كلمة أيديولوجية منبتة الصلة بنسقنا اللغوي وبالتالي الفكري، وهي إلى فضل ذلك كلمة مختلطة الدلالة في لغتها الأصلية فهي تعني الشيء وعكسه، ولذا فالأيديولوجية تصلح أحيانا كدليل للسلوك الإنساني، ولكنها لا تصلح أحيانا أخرى.
غزو الولايات المتحدة لأفغانستان والعراق ودعمها لإسرائيل وتجاهل الشرعية الدولية وتأليب العالم ضد إيران، ليست مجرد أحداث متفرقة، بل هي جزء من نمط إمبريالي بدأ مع بداية تاريخ أميركا، ويتلخص في رفض الآخر وتوظيفه لخدمة المصالح المادية أو إبادته إن قاوم.
يمكن القول إن قيام الولايات المتحدة بغزو أفغانستان والعراق ودعم الدولة الصهيونية وعدم الاكتراث بالشرعية الدولية وتأليب دول العالم ودول الخليج ضد إيران ليست مجرد أحداث متفرقة بل جزء من نمط إمبريالي بدأ منذ بداية تاريخ الولايات المتحدة.