يعرف ابن خلدون الحسبة بأنها: “وظيفة دينية من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو فرض على القائم بأمور المسلمين يعين لذلك من يراه أهلا لها”..
عبد المعين الطلفاح
دكتوراه في الفقه وأصوله. جامعة قطر
الجديد من الكاتب
تدفق المحتوى
تولى ابن السبكي منصب القضاء في دولة المماليك في دمشق أربع مرات، وترقى خلالها إلى منصب قاضي قضاة الشافعية، “وجرى عليه من المحن والشدائد ما لم يجر على قَاضٍ قبله”..
قدم ابن السبكي رؤيته الإصلاحية لمؤسسة القضاء في كتابه: (معيد النعم) بناء على خبرته العملية فيها، فذكر أبرز أفراد هذه المؤسسة، وما يجب عليهم القيام به مما يصلح حال هذه المؤسسة.
ولي ابن خلدون القضاء في دولة المماليك خمس مرات، خبر خلالها حال مؤسسة القضاء وما اعتراها من فساد سواء في ذلك القضاة أنفسهم، أم نوابهم أم الشهود، ورأى بنفسه التدخلات الأميرية في تعيين القضاة..
لم يتول ابن تيمية وظيفة في دولة المماليك التي عاصرها حتى يخبر فساد إدارات الدولة من داخلها، ولكنه كان مع ذلك على اطلاع بما يقع فيها من فساد، لا سيما منها مؤسسة القضاء، ولذا قدم رؤية لإصلاحها..
قام رسول الله بالقضاء بين الناس بنفسه في المدينة، وأرسل قضاته إلى الأمصار، وتولاه من بعده الخليفة أبو بكر رضي الله عنه، ونظرًا لكثرة أعباء الخلافة واتساع رقعة الإسلام؛ استعان عليه بعمر رضي الله عنه.
تتبع ابن السبكي أبرز مكونات مؤسسة الولاية، فصور الفساد الذي اعتراها، ودعا لإصلاحه، فذكَر في رؤيته الإصلاحية نوَّابَ السلطان على الأمصار كالشام وغيرها فقال: “وعليهم مثل ما على السلطان”..
أراد ابن السبكي من حديثه عن إصلاح مؤسسة الولاية أن يصور لنا الداء الذي تفشى بجسدها فأفسدها، ويصف الدواء الناجع وصفا واضحًا؛ فتناول الولاية تناولا مغايرًا لما هو مألوف في كتب السياسة الشرعية قبله.
انطلق ابن تيمية في وضع رؤيته من النظر إلى مقصود الولاية، وجمع فيها بين الأخذ بعزائم الأحكام الفقهية ورخصها، فرأى أن الأصل أن يعين الأصلح من النواب في كل ولاية من أمراء الجيش والقضاة ونحوهم.
كانت لتلك الصراعات آثار سيئة على الدولة والحياة الاجتماعية معًا، تجلت في إخلال أولئك الأمراء المستبدين بواجباتهم وأعمالهم.