إن أحد أهم أبعاد الوجود الإنساني هو الزمن، ففيه يعيش الإنسان (الحاضر) مستحضرا إياه (الماضي) ومتطلعا إليه (المستقبل). وعلاقة الإنسان بالزمن علاقة مصيرية تعكس وجود الإنسان كله، وتحدده في الوقت ذاته.
عبد الرحمن حسام
دكتوراه في العلوم السياسية والدراسات الحضارية، جامعة ابن خلدون بإسطنبول.
الجديد من الكاتب
تدفق المحتوى
كرَّس ابن خلدون مهاراته الفائقة وقدراته المتفردة للإجابة عن سؤال: ما المشكلة في دنيا المسلمين وأحوالهم؟ وكان تشخيصه أنها “فساد البأس” بمعنى انحدار قوة الفاعل الإنساني.
إن الرؤى السياسية الإسلامية منذ منتصف القرن الـ19 فصاعدا، بما فيها الحراك الأممي الإٍسلامي، لا تعكس تقليدا مستقرا ومستمرا بل تعكس بالأحرى التشابك الخاص بالتاريخ الفكري الإسلامي.
يفترض مفهوم العالم الإسلامي وحدة سياسية شاملة ويستبطن كلا إسلاميا واحدا غير متمايز البتة. ولكن في الواقع وعلى العكس، فإن المجتمعات الإسلامية بالقرن الـ19 لم تكن فعليا أقل تنوعا من سابقتها.
نواصل تناول كتاب الدكتور جميل أيدن “فكرة العالم الإسلامي: تاريخ فكري عالمي”، الذي يطرح فيه أن العالم الإسلامي مفهوم كولونيالي علماني، ويجادل بأن مفهوم العالم الإسلامي لم يُستمد من مفهوم الأمة القرآني.
وظفت الإمبراطوريات بأشكال مختلفة فكرة التضامن الإسلامي لإضعاف خصومها، وتبرير تحالفاتها، وتقوية حملاتها الدعائية من أجل أن تكون لها اليد العليا في الصراع بأي ثمن في النصف الأول من القرن 19.
إن المسلمين لم يتخيلوا كونهم ينتمون إلى وحدة سياسية عالمية، إلا بعد وصول الهيمنة الأوروبية إلى أوجها في أواخر القرن التاسع عشر.
أثمرت أخيرا بذور الحراك الأممي الإسلامي التي كانت تعتمل في الإمبراطورية العثمانية والهند البريطانية منذ الهزيمة الروسية. وفي باريس أصدر جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده عام ١٨٨٤ مجلة العروة الوثقى.
في أوروبا كانت المخيلة القومية -المدفوعة بتصورات عنصرية عن الاختلافات الدينية- قد بدأت تجد طريقها، حتى إن أشد الحروب الإمبراطورية في منتصف القرن الـ19 -حرب القرم- نبعت من خلاف ديني.
نواصل تناول كتاب الدكتور جميل أيدن “فكرة العالم الإسلامي: تاريخ فكري عالمي”، الذي يطرح فيه أن العالم الإسلامي مفهوم كولونيالي علماني.