راسخ في قناعتي أن ثورة تونس قد أدخلت ليس فحسب تونس بل أمة العرب، عالما جديدا، عالم الحرية، كما فعل الإسلام أول مرة، وكما فعلت ثورات غربية بأمم الغرب.
راشد الغنوشي
زعيم حركة النهضة التونسية
الجديد من الكاتب
تدفق المحتوى
حيرة كبيرة بلغت حد الصدمة والنكير من سلوك قادة النهضة، أصابت غير المحيطين بالمشهد العام لأوضاع تونس داخل البلد وخارجها، حين قبلوا مشاركة محدودة -وصفها بعضهم بالمهينة- في حكومة الصيد.
كما اخترنا قبل ثلث قرن الانحياز لخيار الديمقراطية والسلم نهجا في المعارضة، فقد أكدت حركة النهضة خلال الفترة التي قضتها في الحكومة وبعد مغادرتها القصبة، أن الإسلاميين ليسوا أعداء للديمقراطية.
علق التونسيون والديمقراطيون في أرجاء العالم آمالا عريضة على الحوار الوطني الجاري في تونس، لإخراج المسار الديمقراطي من النفق الذي دخله بعد اغتيال زعيمين في غضون ستة أشهر.
لا تكاد الإنسانية تجتمع حول إكبار وإجلال زعيم كما فعلت مع نيلسون مانديلا، بطل الكفاح ضد التمييز العنصري في جنوب أفريقيا مهما اختلفت معه في الدين والثقافة واللون.
تمر تونس الحبيبة بمخاض شديد يوشك معه الجنين أن يختنق، وأمه أن تموت على غرار ما حدث في بلاد أخرى، أو يستهل صارخا صبوحا وضاح المحيا، فتستقبله أمه جذلى باسمة وتنطلق الزغاريد بهجة وحبورا.
اعتاد خبراء غربيون كلما تعرض إسلاميون هنا أو هناك لنكسة أو حتى لمجرد تراجع ولو طفيف في انتخابات أن يؤذنوا معلنين عن فشل ونهاية الإسلام السياسي، وذلك ما يتردد بندواتهم وأحاديثهم لوسائل الإعلام التي تستنطقهم باعتبارهم خبراء ينطقون بالحكم وفصل المقال.
في هذه اللحظات الحاسمة في تاريخ تونس، ينعقد الحوار الوطني ليؤكد تطلع القوى الوطنية وفي طليعتها حركة النهضة لتأمين الثورة التونسية من المخاطر المحدقة بالربيع العربي، والمحاولات المتكررة لإجهاض حلم شعوبه بالحرية والديمقراطية والكرامة.
يستبشر راشد الغنوشي بقدوم رمضان في هذه السنة، ويأمل أن يكون ثورة إضافية في نفوس المسلمين تمدهم بمعاني التضامن والإخاء والبناء، كما يأمل أن يخفف هذا الشهر المبارك من التوتر بين مختلف القوى داخل الأمة.
تحتفل حركة النهضة بالذكرى الثلاثين منذ تأسيسها في 6/6/1981 عانت خلالها من الاعتقالات والإبعاد والموت البطيء, لكنها تعود اليوم كطائر الفينيق تنتفض من تحت الرماد تملأ الساحات وتستقبلها الجماهير بفيض عارم من الحب والولاء آلافا مؤلفة, حيثما حلت في أرجاء البلاد.