كنت قد حضرت افتتاح مكتبة “الأمة” في أنقرة، وفي كلمة الافتتاح ألقى الرئيس رجب طيب أردوغان كلمة، فلفت نظري سرده لحكاية ذات مغزى..
د. حمد بن عبد العزيز الكوّاري
وزير الدولة ورئيس مكتبة قطر الوطنية
الجديد من الكاتب
تدفق المحتوى
في كل أسفاري وجولاتي وتنقلاتي من مكان إلى آخر ومن مسؤولية إلى أخرى، ظل الكتاب هو الرفيق الذي لا يُفارقني. وكلما زرتُ بلدًا فكرتُ في الاطلاع على أهم كتبه، وزيارة مكتباته.
أعترف لكم في البداية بأنه لم تكن تربطني بكرة القدم وشائج كبيرة، ولكن مونديال قطر شكل نقطة تحول عندي، وأدركت أهمية كرة القدم ليس فقط باعتبارها مجرد رياضة، بل لارتباط الملايين من البشر في العالم بها.
ما من إنسان في هذا الوجود يستطيع العيش منفردا، وبتعبير الشاعر الألماني غوته: “ليس هناك عقاب أقسى على المرء من العيش في الجنة بمفرده، فالمؤكد أن الوجود من دون الآخرين يبدو ضربا من المستحيل”.
لطالما ناديت في أغلب ما كتبت بضرورة الانتباه إلى ما يحدث في الثقافة العالمية اليوم من انحسار وعجز عن لعب أدوار طليعية تمنع ما نراه أحيانا من انغلاق بين الثقافات وتغليب لما هو سياسي على ما هو ثقافي.
كنت حريصا في المونديال وبعده على الدعوة لتوثيق كل شيء فحين نوثق فإننا نفعل ذلك بمنظورنا للحياة وبثقافتنا الأصيلة وبرؤيتنا أما لو وثق الآخرون حاضرنا فإنهم يوثقونه بعد أن يسبغوا عليه نظرتهم وأفكارهم.
لا يُمكن للأمم أن تحفظ ذاكرتها دون أن تفكّر في تاريخها، ولا يصنع هذا التاريخ خارج عمليات التوثيق المختلفة، فمنذ القديم سارعت الحضارات إلى الاهتمام بتسجيل حياتها ووقائع مسيرتها في السّلم والحرب.
لقد أفقنا جميعا بعيد ساعات من نهاية كأس العالم بشعور من يودع أحبابه من الأسرة الإنسانية الواسعة بعد أن نلنا تجربة مثلى في العيش المشترك فقد مر كأس العالم دون ذلك الشغب الذي اعتدنا مشاهدته في نسخ أخرى.
فرض كأس العالم علينا جميعًا إيقاعا خاصّا في حياتنا اليوميّة، نستيقظ لننام على وقع المباريات، وما يحدثُ بمحيط الملاعب والشّوارع والأسواق من حركية ونشاط للمشجعين، حقا لقد غير مونديال قطر عاداتي الشخصية.
أنصت المليارات من البشر لأوّل مرة في تاريخ المونديال لكتاب الله تعالى يتلى على أرض عربية ومسلمة آمنت بأن قرآنها فخر لأبنائها والأمة التي تنتمي إليها، فكانت رسالة قطر إلى العالم واضحة مبدأها “التعارف”.