لاشك أن مصر لم تتعرض طيلة تاريخها المعاصر إلى هذا المستوى العميق من الاضطراب والفوضى وحجم الاستقطاب والانقسام المجتمعي الذي بات يهدد -جديا- بتفجير بنيتها السياسية والاجتماعية.
خالد المعيني
أكاديمي عراقي
الجديد من الكاتب
تدفق المحتوى
يتداخل مفهوم الثورة في الأدب السياسي مع مفاهيم أخرى مقاربة كالانقلاب، والانتفاضة، والعنف والتمرد، والفتنة والفوضى، كما تمتد جذورها عميقا في تاريخ الإنسانية، وهي ملازمة لنشأة النظم السياسية، تطفو على السطح كلما جنحت هذه النظم، ومالت السلطة فيها إلى الاستبداد والديكتاتورية.
اتسمت الحروب المعاصرة التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط وتحديدا تلك التي ولدت من رحم الخليج العربي, بأنها لا تدور بعيدا عن فلك المصالح الأميركية الثابتة في المنطقة المتعلقة بالهيمنة على عصب الطاقة العالمي والتحكم بممراته إضافة إلى ضمان أمن إسرائيل.
بات من الضروري عدم التعويل على الهياكل المتهرئة الرسمية العربية التي أصبحت من التراث السياسي العربي والشروع فورا بوضع حجر أساس جديد لعقد سياسي رسمي عربي جديد يفتح الآفاق ويجدد الأمل في عروق الشباب العربي والاجيال القادمة ويعزز مسيرة المستقبل.
يمكن وصف العراق وفق معايير القوة، بمعنى اكتساب عناصرها المادية الملموسة أو غير المادية، بأنه قوة متوازنة ماديا وبشريا، ويمكن الاستدلال تاريخيا على مكامن وحقيقة هذه القوة من خلال توالد خمس حضارات متعاقبة في البقعة نفسها.
إذا كان التعريف العلمي لمعنى الثورة يشير إلى أنها عملية انتقال السلطة من طبقة إلى أخرى أو من تحالف إلى آخر، فإنه بعد مرور أكثر من عام على ربيع الثورات العربية أصبح من الضروري إجراء مراجعة هادئة وموضوعية لحصاد هذه الثورات.
باشر الغرب بقيادة أميركا بعد انتهاء الحرب الباردة باستثمار انهيار الاتحاد السوفياتي ومحاولة تكريس وتعميم وفرض قواعد النموذج الغربي على مستوى العالم. واستند في مشروعه على دعامتين، هما الرأسمالية متمثلة باقتصاد السوق الحر والليبرالية المتمثلة بالديمقراطية الغربية ومنظومة حقوق الإنسان.
في نمط الصراعات الشاملة، عادة ما تتداخل مستويات عدة في آن واحد، وفي الشأن العراقي الذي يعد أحد أهم نماذج هذا النمط من الصراعات لا يمكن لأي باحث تلمس وتحليل الحقائق ما لم يجر إمعان النظر فيها وتصنيفها.
يعزى تصاعد التنافس الإقليمي لملء الفراغ في العراق بعد الانسحاب الأميركي، لا سيما الإيراني التركي، إلى استفادة هذه الدول طيلة السنين السابقة من حقبة الاحتلال لتطوير وتحسين أوراقها وشروطها في الملف العراقي، في وقت اكتفى فيه العرب بالتفرج واللامبالاة.
لم تحظ الأحزاب الدينية في العراق طيلة تاريخها السياسي بفرصة ذهبية للظهور على السطح بقوة كما أتيح لها في عراق ما بعد الاحتلال الأميركي, فقد طغى الإسلام السياسي على ملامح المشهد السياسي من خلال بروزه وتحكمه في السلطة والثروة.