في عالم يشتعل بالحروب والنزاعات، أدركت أن الإنسانية فقدت الكثير من قيمها!. كأحد سكان شمالي قطاع غزة، أرى كيف أصبحت الحياة في نظر كثيرين مجرد لعبة قاسية، تتلاعب بها أيدٍ خفية..
حنين ماهر سالم
كاتبة فلسطينية
الجديد من الكاتب
تدفق المحتوى
في كل زاوية من شمال غزة، كانت العائلات تجمع ما تبقى من ذكريات بيوتها المدمرة، تلتصق بما بقي من جدرانٍ تصدعت تحت وقع القصف..
في غزة، حيثُ أصبحت الحرب ضيفاً ثقيلاً لا يغادر، يدخل شهره الحادي عشر، تتلاشى ملامح المدينة، ويزداد الدمار اتساعاً، وكأن الأرض قد ألفت صوت الانفجارات ورائحة البارود..
أبتسم للأطفال، أشجع النساء على التحدث عن مخاوفهنّ، وأدعم الرجال في جهودهم اليومية. نعم، أشعر بالتعب والحزن، لكنني أجد في توزيع الأمل قوة تمنحني القدرة على الاستمرار..
الشيء الوحيد الذي نقدر على عدّه في أيام الحرب هو أن نَعُدّ نكبتنا ونكستنا، نعد عمرنا الذي يضيع خوفًا ورعبًا في حياةٍ لا نعلم شيئًا منها سوى أنها في أي لحظة من الممكن أن ينتهى عدادها..
كنت أعتقد أن الإنسان حين يعتاد الألم سيتعايش معه ولن يوجعه بنفس قدر وجعه الأول، لكن بما أنك في غزة فكل اعتقاداتك سوف تتغير.
نحن سكان غزة، من ذا سيعوضنا ما فقدنا في دواخلنا؟ من ذا سيعيد لنا حب الحياة بعد أن انطفأت بأعيننا؟ وإن أعادوا الأماكن من سيرجع لنا الأحباب بعد أن رحلوا؟
قصف ودمار، شهداء ودماء، الموت في هذه المدينة مزاد علني واسع النطاق، يحترفونه ويتعمدون إيصاله لكل من بقي ناجيا بعد أكثر من خمسة أشهر من الحرب..
من الجيد أننا نمتلك ذاكرة لا تنسى، تبقي المشاهد التي اعتدناها قبل زمن الحرب وفي زمن الحرب حاضرة فينا لنسردها ونوثقها، حتى لا تزيف أو تنسى..