“ماذا لو؟”، هو السؤال الجوهري الذي يقف بظني خلف أعظم الأعمال السردية، وهو بمثابة المفتاح الرئيسي لينابيع الإبداع؛ ذلك لأنه عملية بحث دؤوبة عن خلق كتابي متفرد، واحتمال حكائي جديد ومختلف.

روائي إرتري
“ماذا لو؟”، هو السؤال الجوهري الذي يقف بظني خلف أعظم الأعمال السردية، وهو بمثابة المفتاح الرئيسي لينابيع الإبداع؛ ذلك لأنه عملية بحث دؤوبة عن خلق كتابي متفرد، واحتمال حكائي جديد ومختلف.
حين تتكئ الرواية على خطاب سردي رنّان وثقيل الحضور، أو تنطلق منه بحيث يبدو الغرض الذي جاءت من أجله الكتابة شديد الأهمية؛ تتزايد احتمالات سقوط العمل في فخاخ التقريرية والمقالية.
يبدو لي أننا بحاجة لقراءة الكتاب فعلاً -أعني أيّ كتاب- أكثر من الانقياد وراء طبيعتنا في قراءة أنفسنا ونحن نطالع صفحاته، أيّ البحث عما نريده منه، رغم كل العنت في مخالفة ذلك.
في أماكن كثيرة من العالم، تتعدد أشكال الاعتراف بالكاتب وتزداد كمًّا ونوعًا؛ فثمة دور نشر كبيرة يغدو مجرد التعاقد معها فرصة لبروز الاسم، ذلك لأنّ القارئ يعلم أنها لن تنشر إلا عملًا لافتًا.
لعل الهاجس الأكبر أمام كل روائيّ حينما يخوض في كتابة عمله هو الإمساك بخيط السرد مشدودًا من دون هنات أو ترهل أو فقدان للوجهة، وهذا أمر تحكمه أشياء كثيرة بعضها مما ينبغي عمله وأخرى يلزم تفاديها.
تكاثرت دور النشر العربية مؤخرا بشكل ملحوظ، وهو أمر مبهج ولا شك، غير أن ذلك لم يمنع أو يقلّل -حتى الآن على الأقل- استمرار السلوكيات التي تعقّد مهمة الكاتب، وتجعل عملية النشر تجربة مريرة.
الكتابة السردية كما أفهمها هي قرينة التمهّل، سواء أكان ذلك في مرحلة التقاط الأفكار وفحصها أم حتى لحظة تنفيذها على الورق، بل لعلّي أذهب أبعد لأقول إنّ التمهّل سيلج من بوابة الكتابة إلى حياة الكاتب.
من بوابة علم النفس دلفت عائشة مختار صوب عوالم السرد في تجربتها الأولى “الريح لا تستثني أحدا” لكن ذلك العبور لم يأت خافتا غير منتبه له، فقد حازت المجموعة القصصية جائزة الشارقة للإبداع العربي هذا العام.
لا تكتمل لذة القراءة بظني إلا حين يخلص الواحد إلى قائمة من الكتب يعتبرها أجمل ما قرأ، فيخصّص لها رفّا بارزا متباهيا في مكتبته، أو قد يساوره خوف فيدفع بها إلى رفّ داخلي مستتر.
بظني أنّ الكتابة السردية للناشئة إلى جانب اشتراطاتها الإبداعية أسوة ببقية الأجناس الأدبية، فإنّ لها خصوصية تزيد القيود والضوابط التي تسم عملية الكتابة بأسرها.