إن ما قدمته المقاومة الفلسطينية في ثمانية أشهر ليس فقط روح الاستشهاد، لكن الذي قدمه ويقدمه الفلسطينيون على مدى هذه الأشهر، هو ثورة ثقافية كبرى عميقة هزت أركان ثقافة القوة والطغيان.

شغل موقع رئيس تحرير صحف؛ المصري اليوم، والوفد، والأهرام الاقتصادي
إن ما قدمته المقاومة الفلسطينية في ثمانية أشهر ليس فقط روح الاستشهاد، لكن الذي قدمه ويقدمه الفلسطينيون على مدى هذه الأشهر، هو ثورة ثقافية كبرى عميقة هزت أركان ثقافة القوة والطغيان.
كانت الشعوب متعاطفة، كانت الحكومات عاجزة، كان الشعب الفلسطيني يحمل همومه منفردًا. هكذا كانت الخطوط العريضة للوضع قبل مائة عام مثلما هي – بالتمام – الملامح الرئيسية للمشهد في اللحظة الحاضرة،
الحق الفلسطيني أنطق ضمير الإنسانية، أنطق ضمائر شباب الغرب ليشهد أن ما يفعله حكام الغرب ليس أقل من جريمة منحطة يندى لها جبين كل إنسان سويّ النفس مستقيم الطبع سليم الفطرة.
هذا إقليم لم يعرف السلام مع نفسه، ومن المستحيل أن تجد إسرائيل فيه سلامًا حتى لو سالمها الحكام، ومن المستحيل أن تجد فيه الأمان حتى لو ملكت من السلاح ما يكفي لتدمير الشرق الأوسط على رؤوس أهله عدة مرات.
حارة اليهود في فرانكفورت عند نهاية القرن الثامن عشر، هي نموذج لأوضاع ومكانة وموقع اليهود في أوروبا قبل مائة عام من تدشين الحركة الصهيونية بعد ذلك بمائة عام؛ أي في خواتيم القرن التاسع عشر.
الفرق بين اليهود وغير اليهود – من الشعوب التي نزل بها عنف أوروبا في القرن التاسع عشر – ليس في الاضطهاد ذاته ولا حجمه ولا مداه الفرق كان في فكرة جوهرية: اليهود هم الشعب الوحيد الذين لهم اختلاط بأوروبا.
أميركا تمنع الحرب ضد إسرائيل، وإذا أخفقت في منع الحرب أسرعت – بكل ما تملك – إلى نجدة إسرائيل لتنتصر، حتى لو أضر ذلك الضرر البالغ بصورة أميركا أو أخلاقها.
في القرن التاسع عشر، وُجد منا وبيننا من استقبل المستعمرين استقبال الفاتحين،كما وجد من تعاون معهم وعمل تحت قيادتهم وباع نفسه لهم، لكن ذلك كان الاستثناء النادر حتى ولو شغلوا مواقع نفوذ وسلطة مهمة.
كشفت حرب الإبادة حدود الواقع الجيوسياسي للإقليم كله، إقليم أسير، شعوب أسارى، شدت أميركا أسرنا وأحكمت الشد والأسر، حالة عامة من الاستسلام للهندسة الأميركية لهوامش الحركة في الإقليم.
كانت الحروب الصليبية – رغم اندحارها – أول هزيمة بالمعنى التاريخي العميق لعالم الإسلام، هزيمة تُنهي قرون التفوق، وتبدأ قرون الصراع، ثم تحسم الصراع لصالح الغرب على حساب الشرق.