سلمان خان.. نجم بوليود الساطع المليء بالتناقضات

نجم بوليود سلمان خان (الفرنسية)

يصعب وضع سلمان خان تحت تعريف محدد، فهو ممثل ومنتج ومذيع تلفزيوني، ويقدم برنامج تلفزيون الواقع "بيغ بوس" (Bigg Boss) منذ 2010، وداعم للقضايا الإنسانية والخيرية، ولكنه في ذات الوقت مثير للجدل للغاية خارج الشاشة، أدين بجريمة قتل عمد عندما دهس بسيارته أكثر من 5 أشخاص، وأدين كذلك في قضية صيد جائر وحكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات.

لكن ذلك لم يقلل من شعبيته الجارفة، واعتباره من أكثر الممثلين الهنود نجاحًا، وقد أدرجته مجلة فوربس في قائمة أفضل 100 فنان من مشاهير الترفيه عام 2015 بالمركز الـ 71 الذي تقاسمه مع النجم أميتاب باتشان، فمن هو سلمان خان الحقيقي وسط كل تلك الحقائق؟

ابن العائلة المالكة السينمائية

سلمان خان الابن الأكبر لسالم خان، وهو ممثل ومنتج أفلام وكاتب سيناريو، قدم العديد من القصص والسيناريوهات لمجموعة من أشهر أفلام بوليود بالمشاركة مع الكاتب جافيد اختار، حيث أصبحا أول كاتبي سيناريو معروفين بالاسم ويحظيان بالنجومية في السينما الهندية.

أحدث هذا الثنائي ثورة سينمائية خلال سبعينيات القرن الماضي، حيث قاما بصياغة الشكل الذي قامت عليه الأفلام الهندية هذه الفترة وما بعدها، ووضعا حجر الأساس لثيماتها المتكررة وهيكل أفلامها الناجحة للغاية، بل قدما أنواعا سينمائية جديدة مثل "أفلام ماسالا" التي تجمع بين الأكشن والرومانسية والكوميديا.

وسالم خان صنع تفاصيل شخصية الشاب الغاضب التي أطلقت مسيرة أميتاب باتشان التمثيلية، وأفلامه مازالت ضمن أعلى الأفلام الهندية إيرادًا حتى الآن. وهو بالطبع مؤسس عائلة سالم خان السينمائية، كأب 3 ممثلين من بوليود، أشهرهم سلمان خان بالإضافة إلى سهيل خان، أرباز خان.

سلمان خان من مواليد 1965، وتربى بين أب مسلم وأم هندوسية، وأسلاف ينتمون إلى إحدى القبائل الشهيرة الأفغانية، حيث استطاع التحدث بالهندية والإنجليزية والماراثية، لم يكمل دراسته الجامعية في كلية سانت كزافييه التي التحق بها مثل باقي أخواته، واتجه إلى التمثيل ليبدأ مسيرته منذ عام 1988.

أدوار صغيرة ثم الانطلاق للنجومية

قدم سلمان خان أول أدواره عام 1988 في فيلم "بيوي هو تو آيسي" (Biwi Ho To Aisi) حيث لعب دورًا صغيرًا ولكن كان ناجحًا، فانتقل مباشرة إلى أدوار البطولة في فيلم "مين بيار كيا" (Maine Pyar Kiya) عام 1989 الذي أصبح من الأعلى إيرادًا في الهند ذلك الوقت، وحصل بسببه على العديد من الترشيحات لجائزة أفضل ممثل، وتمت دبلجة الفيلم للغات عدة منها الإنجليزية والإسبانية.

وفي التسعينيات، أصبح عاملًا مشتركًا في العديد من الأفلام الناجحة خاصة الرومانسية منها، وكذلك حظي بشعبية كبيرة والعديد من الجوائز، ومن أهم أفلامه هذه الحقبة "هام آبكي هاين كون" (Hum Aapke Hain Koun..!) الذي أصبح أكثر الأفلام شعبية لعام 1994 وحظي بإيرادات عالمية بلغت 18 مليون دولار، ليصبح الأعلى إيرادًا بالهند لهذا العام، وفي قائمة الأعلى إيرادًا بين سينما بوليود حتى الآن.

اشتهر منذ بداية الألفية بقدرته على تقديم أفلام الأكشن الرومانسية الكوميدية، وهو النوع الذي ابتدعه والده منذ عقود في السينما الهندية، قبل أن تجذبه هوليود ليقدم الفيلم الأميركي "ماري جولد" (Marigold) حول علاقة الحب بين هندي وأميركية، والذي لم يحقق له الانطلاقة المتوقعة ليعود مرة أخرى إلى بوليود.

بين الجريمة والعقاب

على الرغم من الشعبية الكبيرة لسلمان خان بين محبي السينما الهندية، فإن حياته الشخصية كانت دومًا وبالًا على حياته العامة، فبسبب شربه الخمور خلال القيادة، ألقي القبض عليه عام 2002، بعدما اصطدمت سيارته بمخبز في مومباي وقتل متشردًا كان نائمًا على الرصيف، وأصيب آخرون.

ووجهت إليه المحكمة تهمة القتل غير العمد، ولسائقه تهمة الحنث باليمين لتضليل المحكمة، حيث ادعى كذبًا أنه كان يقود السيارة وقت وقوع الحادث، وعام 2015 تمت تبرئة خان من جميع التهم، وطعنت الحكومة في هذه التبرئة بعد ذلك بعام.

عام 2002، شهد فضيحة أخرى جذبت أنظار الإعلام والجمهور، فبعد انفصاله عن النجمة أيشواريا راي اتهمته بمضايقتها ومطاردتها، وقدم والدها شكوى رسمية ضده، وظهر تسجيل لمكالمة تلفونية معها سجلتها شرطة مومباي يهددها لإجبارها على الظهور في حفل أقامه شخص يتبع إحدى المنظمات الإجرامية الهندية.

ولكن لم يثبت صحة هذا الشريط في مختبر الطب الشرعي الحكومي، وبالتالي لم تقدم اتهامات قضائية ضد سلمان خان في هذه الحادثة.

تضمنت الحياة الشخصية المثيرة لسلمان خان قضاءه أسبوعًا في السجن عام 2007، قبل أن يخرج بعد موافقة المحكمة على الكفالة، وذلك عندما اتهم بالصيد الجائر للظباء المهددة بالانقراض بموجب قانون حماية الحياة البرية.

وتم تقديم دعوى قضائية ضده كذلك لاستخدامه أسلحة نارية برخصة منتهية الصلاحية، وحكم عليه بالسجن، وحتى اليوم قضيته في المحكمة تتم مداولتها، ولم يبت فيها بشكل نهائي.

هذا بالإضافة إلى الكثير من التصريحات التي قام بها في وسائل الإعلام أو عبر حسابه على تويتر والتي سببت له الكثير من النقد السلبي، والصراع مع أشخاص في السلطة منهم رئيس الوزراء، واضطر أكثر من مرة لسحب هذه التعليقات والآراء ومسح التغريدات والاعتذار عنها.

وعلى الجانب الآخر، اشتهر سلمان خان بأعماله الخيرية، على رأسها تأسيس منظمة "بينغ هيومن.. أن تكون إنسانًا" (Being Human Foundation) في مومباي والتي تقدم خدمات التعليم والرعاية الصحية لفقراء الهند، ويتم تمويلها بشكل أساسي عبر مبيعات البضائع من العلامة التجارية التي أنشأها سلمان خان، بدعم من العديد من شخصيات بوليود، وانتشرت في أكثر من 15 دولة.

سلمان خان شخصية مليئة بالتناقضات، لا يمكن تصنيفه بين الأشرار أو الأخيار، لكن بالتأكيد هو أحد أهم نجوم بوليود، استطاع الاستمرار والنجاح على الرغم من الظل السيئ الذي ألقته عليه حياته الشخصية المعقدة.

المصدر : الجزيرة