ما الذي قدمه المخرج أحمد عبد الله للسينما المصرية؟

المخرج أحمد عبدالله السيد_مواقع التواصل
المخرج السينمائي أحمد عبد الله السيد (مواقع التواصل)

أعلن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عرض الفيلم المصري "19 ب" للمخرج أحمد عبد الله السيد ضمن مسابقته الدولية في عرضه الأول، خلال فعاليات الدورة 44 للمهرجان في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

والفيلم هو السادس لمخرجه، ومن إنتاج شركة "فيلم كلينيك" لصاحبها محمد حفظي الرئيس السابق لمهرجان القاهرة، ومن بطولة سيد رجب، وأحمد خالد صالح، وناهد السباعي، وفدوى عابد.

 

يحكي الفيلم قصة حارس عجوز "شديد الروتينية"، يسكن فيلا قديمة هجرها أصحابها منذ عقود، ويقضي أغلب ساعات اليوم معزولا عن العالم الخارجي، حتى يجد نفسه مجبرا على مغامرة تغير حياته بالكامل.

جدل قبل العرض

وكان الفيلم أثار جدلا خلال اختيارات اللجنة المكلفة بترشيح الفيلم الذي يمثل مصر في مسابقة جوائز الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، حيث رفض المخرج المصري مجدي أحمد علي الدفع بفيلم "19ب" -الذي لم يعرض جماهيريا بعد- وقام بسحب فيلمه "2 طلعت حرب"، وانتهت نقابة المهن السينمائية في مصر بالإعلان عن عدم ترشيح أي فيلم يمثل مصر في منافسات الأوسكار.

وبعيدا عما أثاره الفيلم الأخير من جدل قبل أن يراه أحد، يعد مخرجه ومؤلفه أحمد عبد الله السيد أحد أبرز المخرجين المصريين في العقد الأخير، حيث عرضت أفلامه في المهرجانات العالمية والعربية، وتوجت بجوائز مختلفة؛ أهمها الجائزة الكبرى في مهرجان قرطاج عن فيلمه "ميكروفون"، وأحسن فيلم عربي بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي السينمائي عن الفيلم نفسه.

كان السيد من أوائل المخرجين الشباب الذين قدموا أفلاما عدّها البعض تنتمي إلى تيار "السينما المستقلة"، أي السينما المصنوعة بميزانيات محدودة بعيدا عن شركات الإنتاج الكبرى وحسابات التوزيع التجاري وتعقيدات المكسب والخسارة أو الاستعانة بكبار الفنانين، مثله مثل المخرج إبراهيم بطوط صاحب فيلم "عين شمس"، أو المخرج أحمد رشوان في فيلمه "بصرة"، أو هالة لطفي في "الخروج للنهار".

فنانون كبار

لكن السيد كان مدركا منذ البداية أهمية أن يضع عينيه على صناعة السينما كصناعة تجارية في المقام الأول، لذلك حرص في كل أفلامه على الاستعانة بنجوم كبار، صحيح أنهم ليسوا من نجوم الصف الأول، لكن تظل لهم شهرتهم وقاعدتهم الجماهيرية العريضة، وأبرزهم الفنان خالد أبو النجا؛ بطل أفلامه "هليوبوليس" و"ميكروفون" و"ديكور"، أو الفنان الطامح إلى الوصول لجمهور المهرجانات آسر ياسين في "فرش وغطا"، أو الفنانة حورية فرغلي في "ديكور"، حتى لو كانت الموضوعات التي يطرحها في هذه الأفلام بعيدة عن جمهور السينما التجاري.

لأسباب كهذه استطاع "السيد" أن يكون من المخرجين الذين استمروا في تقديم أفلامهم، يكتب ويخرج أفلامه بنفسه (باستثناء ديكور وليل خارجي لم يكتبهما)، كما أنه كان حريصا على التعاون مع أحد أهم المنتجين المصريين في العقد الأخير محمد حفظي، واستطاعا معا أن يقتحما المهرجانات العالمية الكبرى، مثل مهرجان تورنتو.

جيل لم يستمر

تزامنت بداية السيد بعد أن أطلق إبراهيم البطوط شرارة السينما المستقلة، ولم يلبث أن توقف البطوط عن تقديمه أفلاما جديدة منذ فيلمه الأخير "القط" (2015)، رغم تجربته الواعدة والمهمة، كما اقتصرت أغلب تجارب من ينتمون للسينما المستقلة على فيلم أو فيلمين، مثل "أخضر يابس" لمحمد حماد، أو "يوم الدين" لأبو بكر شوقي، أو "آخر أيام المدينة" لتامر السعيد وغيرهم، رغم وصول هذه الأفلام لأهم المهرجانات السينمائية العالمية.

ورغم توقف كثير من صناديق الدعم والمهرجانات العربية -مثل دبي وأبو ظبي وأخيرا الجونة- وافتقاد الدعم الحكومي لإنتاج الأفلام في مصر، يستطيع السيد الاستمرار متعاونا مع شركة إنتاج معروفة مثل "فيلم كلينيك"، أو بميزانية محدودة كما في فيلمه "ليل خارجي" (صوره عبد الله لنفسه بكاميرا لا تكلف كثيرا)، وأنتجته المنتجة والمخرجة هالة لطفي من خلال شركة "حصالة".

هل لا تزال هذه السينما مستقلة؟

وبينما يصنف بعض النقاد عبد الله السيد وزملاءه من جيله بالانتماء للسينما المستقلة، يرفض أحمد عبد الله السيد نفسه ذلك، ويرى أن هذا المصطلح أطلق قبل 15 عاما من بدايته في العمل بالسينما، وتسبب في إيذاء كبير للسينما، وأدى إلى إيذاء المخرجين أنفسهم، لأنه -على حد وصفه- نوع من الاستسهال قامت به وسائل الإعلام، وهذا لا يحدث في أي مكان في العالم.

يلخص السيد أسلوبه السينمائي بأنه يميل للبعد عن شركات الإنتاج الكبرى ويصنع أفلاما شخصية، لأن المخرج في هذا النوع من الأفلام يتميز في سرد قصصه الشخصية والنزول والتصوير، ولا ينتظر اكتمال التمويل، وهو لا يخاف من أي سلطة للجمهور أو النقاد أو النقابة، ويحب العمل مع فريق شغوف بالسينما.

مسيرة قصيرة لكنها ثرية

بدأ السيد -المولود في ديسمبر/كانون الأول 1979- مسيرته من خلال المونتاج، وعمل "مونتير" في فيلم "عين شمس" لإبراهيم البطوط، قبل أن يقدم أول أفلامه مخرجا وكاتبا في "هليوبوليس" (2009)، ثم فيلم "ميكروفون" (2010)، الذي حصد كثيرا من الجوائز؛ منها "التانيت" الذهبية من مهرجان قرطاج السينمائي، وأفضل فيلم عربي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، و"التيوليب" الذهبي من مهرجان إسطنبول السينمائي الدولي.

قدم عبد الله السيد فيلما قصيرا ضمن فيلم "18 يوم" الذي جمع 10 من مخرجي السينما المصرية، الذين قدموا حكايات من ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وعرضه مهرجان كان السينمائي الدولي، قبل أن يقدم رؤيته الخاصة جدا للثورة في فيلمه الطويل الثالث "فرش وغطا" (2013) حيث يهرب شاب من السجن لينطلق إلى عوالم من البيئات المصرية المهمشة.

في العام التالي، حاول عبد الله طرق باب السينما التجارية بفيلمه "ديكور" من تأليف الشقيقين محمد وشيرين دياب، عن مهندسة ديكور تعشق السينما وتفقد التمييز بين عالمي الواقع والخيال.

غاب السيد بضعة أعوام، قبل أن يعود بفيلمه "ليل خارجي" (2018)، من تأليف شريف الألفي وبطولة كريم قاسم ومجموعة من الشباب، ويحكي عن 3 أشخاص يلتقون في ظروف غير متوقعة، ويخوضون مغامرة جديدة في أجواء قاهرية ساحرة.

المصدر : مواقع إلكترونية