المطران الثائر والأزمة السورية.. سيطرا على أفلام مهرجان الإسكندرية السينمائي

نجح صناع الأفلام السورية في استخدام الرموز لتوصيل أفكارهم.

"المطران" يوثق المحطات الرئيسية بحياة المطران كبوتشي (مواقع التواصل)

كانت الأحداث السياسية، السنوات الماضية، البطل الرئيسي لصناع السينما السورية في الأفلام المشاركة ضمن الدورة الـ37 لمهرجان الإسكندرية السينمائي والتي أقيمت مؤخراً، فلأول مرة تشارك 5 أفلام من سوريا ضمن المسابقات المختلفة للمهرجان، والذي شهد أيضا تكريم الفنان السوري دريد لحام عن مجمل أعماله.

عناصر متكاملة

العناصر المختلفة -التي اعتمد عليها المخرج والمؤلف عبد اللطيف عبد الحميد في فيلمه "الإفطار الأخير" المعروض ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة- دعمت قضية الفيلم والذي يدور في قالب إنساني عن زوجة تشعر باقتراب موتها وتخبر الزوج بذلك في إفطارهما الذي يعتبر الأخير، ليعود ويجد قذيفة أودت بحياتها وبمنزله، فتتحول حياته بعدما يلتقي امرأة تغير رغبته في الموت ليلحق بزوجته.

الأداء التمثيلي -الذي اعتمد على التلقائية للممثل السوري عبد المنعم عمايري وكندة حنا وفريق العمل، بجانب عنصر اختيار مقاطع الأغاني لتكون خلفية العديد من المشاهد بدلا من استخدام لغة الحوار- جاء في صالح الفيلم، ولتأكيد الفكرة التي تعبر عن حق الإنسان في الحياة رغم ويلات الحرب، وقد لعب المونتاج أيضا دورا محوريا في جعل لقطات الفيلم بعيدة عن التطويل، فالعمل يحمل حالة من الإشباع البصري والفكري معا.

الملصق الدعائي لفيلم "الإفطار الأخير" (مواقع التواصل)

المطران الثائر

جاء فيلم المخرج السوري باسل الخطيب "المطران" -الذي يرصد السيرة الذاتية لرجل الدين المسيحي إيلاريون كبوتشي- بشكل مباشر من أجل توثيق أهم المحطات في حياة المطران الثائر، والذي كان شاهدا على العديد من القضايا السياسية بين سوريا وفلسطين.

كبوتشي الذي ولد عام 1922 في حلب، وسافر إلى القدس لدراسة اللاهوت أواخر أربعينيات القرن الماضي، كان شاهدا حيا على نكبة فلسطين، إلى أن عاد إلى القدس مجددا عام 1965 ليكون مطرانا للروم الملكيين الكاثوليك ليشهد نكسة 1967 وسقوط مدينة القدس بيد الاحتلال، فيناضل من أجل استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه وأرضه، إلى جانب محاكمته التاريخية من قبل قوات الاحتلال ثم تعذيبه بالمعتقل إلى أن أٌطلق سراحه وعاش في روما قبل أن يرحل عن عالمنا عام 2017.

المباشرة والخطابة هما اللغة السينمائية التي اعتمدها المخرج لإيصال فكرته في العديد من المشاهد لرغبته في توثيق مهازل الاحتلال على الرغم من كون الفيلم روائيا، وأيضا حرصه على ربط الأحداث السياسية ما بين سوريا وفلسطين، فقبل وفاة كبوتشي بعام، استعاد الجيش السوري السيطرة على مدينة حلب.

عمالة الأطفال والإرهاب

وفي مسابقة الأفلام القصيرة شارك صناع السينما السورية بفيلمين، الأول "حبل الغسيل" الذي اختار مخرجه ومؤلفه محمود جقماقي أن يعبر عن معاناة السوريين بسبب الحرب في إطار إنساني من خلال طرحه لرصد الأقدام في السوق، وكيف أثرت الحرب على الحياة العامة، لكنه أيضا اعتمد على التقليدية في القصة الرئيسية للفيلم حيث تنتظر الفتاة عودة حبيبها من الحرب لتجده فاقدا ذراعه وقدمه، وفي محاولة لتخفيف قسوة الموقف لجأ المخرج لحبل الغسيل ليعبر عن المعنى.

وفي "فوتوغراف" للمخرج المهند كلثوم، يركز على تأثير الحرب على الأطفال وكيف اضطروا في سوريا للعمل من أجل مساندة أسرهم ماديا وفقدوا حقهم في الحصول على تعليم، وتأثير ذلك عليهم نفسيا.

أما "الظهر إلى الجدار" للمؤلف والمخرج أوس محمد فيرصد تداعيات الإرهاب على سوريا والذي تسبب في الحرب وأثره على حياة البشر، فالبطل يحاول البحث عن صديقه ولكنه في تلك المرحلة يكتشف ذاته، وقد نجح المخرج في استخدام الرموز السينمائية لإيصال فكرته في العديد من المشاهد.

المصدر : الجزيرة شارك