بعد بكّار وبوجي وطمطم.. لماذا غابت برامج الأطفال المؤثرة بمصر؟

بوجي وطمطم.. رسائل تربوية بلسان عربي
بوجي وطمطم من أشهر برامج الأطفال الرمضانية خلال عقدين من الزمان (الجزيرة)

حسن المصري-القاهرة

"يا أبو كف رقيق وصغيّر وعيون فنان محتار.. يا أبو ضحكة وصوتها في قلبه بيضوّي ألف نهار"، هكذا تغنى المطرب المصري الشهير محمد منير في مقدمة مسلسل الكارتون الرمضاني الشهير "بكّار"، والذي ارتبط بأذهان الأطفال في مصر على مدى سنوات طوال.

المسلسل الكرتوني كان موجها للصغار ليحثهم على القيم الأخلاقية وتعليمهم السلوكيات الصحيحة بصورة مشوّقة، مما وسع قاعدة جمهوره من الكبار قبل الصغار، قبل أن يختفي كغيره من برامج الأطفال المؤثرة التي أثرت الشاشة الفضية على مدى سنوات عديدة.

المتابع لخريطة البرامج الرمضانية حاليا قد يجد بعض برامج الأطفال، لكنها ليست واسعة الانتشار أو مؤثرة مثل البرامج الشهيرة التي ما زال يتذكرها المصريون حاليا. ففي هذا الزمان أصبح لا صوت يعلو فوق صوت برامج المقالب، وتكرار استضافة المشاهير خصوصا من الفنانين ولاعبي كرة القدم، ليعيدوا على المشاهدين حكاياتهم الشخصية مرة وراء الأخرى.

وتعرض القنوات المصرية في رمضان الجاري برامج ومسلسلات للأطفال هي: مسلسل قصص الأنبياء، ومسلسل رسوم متحركة عن الأزهر، فضلا عن برنامج "حلو بس"، والدمية "زيتون"، لكنها تظل بعيدة عن التأثير والانتشار مثل العديد من البرامج والمسلسلات التي شكّلت وجدان الأطفال خلال العقود الماضية.


فما أبرز هذه البرامج والمسلسلات؟

بوجي وطمطم
"بوجي وطمطم وزيكا وعم شكشك" أسماء لعرائس كرتونية، كان لها دور في تشكيل ثقافة ووعي أجيال مصرية على مدار عقدين كاملين.

المسلسل كان من تأليف وإخراج المخرج الراحل محمود رحمي، وشارك فيه نخبة من الممثلين منهم الراحل يونس شلبي وهالة فاخر ورأفت فهيم وغيرهم.

ويعد أحد أشهر مسلسلات العرائس المتحركة في فترة الثمانينيات والتسعينيات، والتي نجحت في تحقيق زخم شعبي كبير حولها على مدار أعوام متواصلة منذ العرض الأول عام 1983 وعلى مدار 18 جزءا، وكان المسلسل يتطرق بطريقة طريفة لتعليم الأطفال العديد من المفاهيم المرتبطة بالثقافة المصرية.

توقف المسلسل الرمضاني الشهير برحيل المخرج رحمي عام 2001، ورغم دخول نجله في تجربة إخراج حلقات جديدة من المسلسل عام 2009، فإنها لم يكتب لها الاستمرار وتوقف العمل.


عمو فؤاد
"عن ناس في حياتنا كتير ليهم أعظم تأثير لولا جهودهم مكنتش الدنيا تسير"، هكذا كانت واحدة من أشهر الفوازير التي أحبها الأطفال، وقدمها الممثل الكوميدي الشهير فؤاد المهندس، لإبراز دور العلماء في الحياة.

الحلقات عرضت عام 1980 قبل أن يتوقف عرض البرنامج في منتصف التسعينيات. 

فكرة البرنامج كانت عبارة عن لغز يومي يتم تقديمه بصورة استعراضية ودرامية للأطفال، لتشجيعهم على التفكير وتنمية معلوماتهم واختبار ثقافتهم، وكان يتم الإعلان عن أسماء الفائزين بعد انتهاء الشهر الكريم.


بكّار
من المسلسلات التي حظيت باهتمام كبير وكان بطلها هو الطفل النوبي "بكار"، ومعزته رشيدة. وخلال الحلقات كان بكار يقدم دروسا في العديد من القيم النبيلة مثل حب الوطن، ومساعدة الغير، واحترام الكبير، وبر الوالدين، وحب الأصدقاء، وأهمية النظافة، لدرجة أنه تحول إلى صديق لكل طفل في كل بيت داخل الأسرة المصرية.

عالم سمسم
بدأ البرنامج من الولايات المتحدة لتتحول فكرته إلى كثير من البلدان بما فيها مصر، واستمر عرضه منذ شهر رمضان عام 1997 ليتوقف عام 2017.

وكان البرنامج يعرض العديد من المواد في خليط تعليمي وتثقيفي وترفيهي للأطفال، كتعليم الأرقام والحروف وغيرها، بصورة مشوقة وجاذبة مع الدمى "خوخة ونمنم وفلفل".


مخاطر ومعوقات
"الإعلام الموجه للطفل سقط من اهتمامات أصحاب القنوات على حساب الترافيك وعدد المشاهدات"، هكذا ينتقد  المحامي المهتم بمجال حقوق الأطفال أحمد مصيلحي، غياب البرامج المؤثرة التي يرتبط بها الأطفال خلال شهر رمضان.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول مصيلحي إن غياب الاهتمام بالمحتوى المقدم للطفل أمر سلبي، ويشير إلى غياب الرؤية لاستخدام وسائل الإعلام في توعية الأطفال، مما يجعل الأطفال عرضة لمشاهدة البرامج الكرتونية الوافدة التي تمتلئ بمحتوى لا يتناسب مع طبيعة الهوية المصرية.

وأضاف "نفتقد محتوى الطفل الذي سبق إنتاجه قديما، على غرار بوجي وطمطم، وفوازيرعمو فؤاد، وغيرها من الأعمال التي غابت عن الشاشة الفضية".

بدوره، يقول الناقد الفني طارق الشناوي "رغم وجود الإمكانية لاستمرار أعمال كرتونية واعدة، فإن هناك معوقات في ظل عزوف المنتجين عن إنتاج هذا اللون، والاتجاه إلى الألوان المألوفة والمعروفة على الساحة".

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول الشناوي "يتطلب هذا النوع من الإنتاج الكثير من الوقت والمال لإنتاج عمل فني متكامل، حيث يعتمد على رسامين مؤهلين لإنتاج الرسوم المتحركة ومتخصصين في الغرافيك، وهو ما يصعب تنفيذه في ظل التكلفة المرتفعة، ووجود المنتج الذي يتجه إلى أعمال درامية لجذب شريحة واسعة من الجمهور".

وأضاف نحتاج إلى إعادة نظر لتنفيذ أعمال قوية تساهم في بناء شخصية الطفل، على غرار: بكار، وعمو فؤاد، وظاظا وجرجير، وغيرها.

المصدر : الجزيرة