الجدار العازل ولجوء السوريين وهوية الجزائر.. قصص أفلام أنقذت مهرجان الجونة

حصل "جزائرهم" على نجمة الجونة كأفضل فيلم عربي وثائقي و10 آلاف دولار (الجزيرة)

4 أفلام عربية في الأقسام المختلفة لمهرجان الجونة السينمائي، في نسخته الرابعة، اقتنصت العديد من الجوائز، كما حققت أيضا صدى خلال عرضها ضمن فعاليات المهرجان، وما يجمع بين الأفلام الأربعة هو الاهتمام بالقضايا الإنسانية، وهموم وقضايا الأوطان.

200 متر "هل أنقذ صناع الجونة"؟

استطاع فيلم "200 متر" أن يغير من حالة الهجوم على مهرجان الجونة، والتي وصلت إلى المطالبة بمقاطعته بعد تكريمه الممثل الفرنسي جيرارد ديبارديو المعروف بدعمه لإسرائيل، إلى الاحتفاء بالقضية الفلسطينية، في فيلم المخرج الفلسطيني أمين نايفة، والذي حصل على 3 جوائز: أفضل ممثل لعلي سليمان بطل الفيلم، وجائزة سينما من أجل الإنسانية، وجائزة لجنة تحكيم "فيبرسي" كأفضل فيلم عربي.

ويتناول الفيلم قضية "الجدار العازل" الذي يفصل بين المواطنين في فلسطين، من خلال "مصطفى" وزوجته القادمين من قريتين يفصل بينهما الجدار، فيجعل حياتهما مختلفة، فلا يتمكن من رؤية عائلته رغم أن ما يفصل بينهما مسافة 200 متر فقط، تتفاقم الأزمة حين يمرض ابنه الصغير ويجب عليه أن يدخله أحد المستشفيات، لكنه لا يتمكن من العبور إليه ليعيش رحلة مفزعة.

ونجح المخرج في الابتعاد عن الحوار الخطابي الذي يميز هذه النوعية من الأفلام عادة، فاعتمد على اللقطات المؤثرة والمعبرة عن الأزمة التي يعيشها الفلسطينيون بسبب الجدار، وهي من نقاط القوة التي تحسب للعمل.

وفي الندوة التي أجراها المخرج خلال فعاليات المهرجان، قال إن والدته عاشت في الجانب الإسرائيلي بسبب الجدار، فلم تتمكن من رؤية أشقائها وهم على بعد أمتار قليلة منها، وأشار إلى أن قصة الفيلم واقعية.

الرجل الذي باع ظهره

ربما تناولت العديد من الأعمال الفنية ما يعانيه اللاجئون السوريون بسبب ويلات الحرب، لكن في فيلم "الرجل الذي باع ظهره" تناولت المخرجة كوثر بن هنية القضية بفكرة غير تقليدية وتجربة شجاعة، وابتعدت عن المباشرة التي تضعف القضية في كثير من الأحيان، ورغم أنها تونسية فإنها تمكنت من نقل المأساة بتعقيداتها وتفاصيلها.

تدور الأحداث حول البطل "سام" الذي هرب من ويلات الحرب السورية ليعيش في لبنان بلا أوراق رسمية، وهو يحلم بلقاء حبيبته في باريس، فلا يمكنه التنقل إلا بعد أن يوافق على فكرة مجنونة لفنان أميركي معاصر قابله صدفة، وعرض عليه أن يستخدم "ظهره" لرسم لوحاته وعرضها، وبالفعل يحترف سام الأمر بعد لقائه بثريا (مونيكا بيلوتشي) في أول تجربة لها بفيلم عربي، والتي لم تكن في أفضل حالاتها تمثيلياً.

وتقول "بن هنية" في تصريح صحفي سابق لها "البضائع يمكنها التنقل بسهولة وحرية في العالم، ولكن ليس البشر".

فاختيار ظهر الشاب لوحة متجولة، في حين يمكن للفنان العالمي أن يستعين بشخص أوروبي مثلاً من مهاويس الفن، يوافقه على المغامرة، هو سخرية من النظام الدولي الذي يمنح التأشيرة لظهر هذا الشاب لكي يتمكن من السفر، لكنه يمنع البشر من حقهم في التنقل إلا بقوانين صارمة.

ونجحت المخرجة في أن تبلور حالة التمزق بين الشعور بالحرية واستطاعته بالفعل التنقل من مكان لآخر، وبين العبودية من خلال السرد البصري للفيلم، فاستخدمت مكانا أشبه بالعصور الوسطى من أجل التأكيد على العبودية التي أصبح بها بطل الفيلم، واستطاع أن يفوز بجائزة نجمة الجونة وشهادة قيمتها 20 ألف دولار أميركي كأفضل فيلم عربي روائي طويل.

"جزائرهم".. التاريخ يُروى إنسانيا

القصص والحكايات الإنسانية بالضرورة هي ذاكرة للوطن، فالمخرجة الجزائرية ذات الأصول الفلسطينية لينا سويلم استطاعت -من خلال البحث عن أسباب انفصال جديها بعد 60 عاماً- البحث أيضاً عن هويتها الجزائرية، ففي فيلمها الوثائقي الطويل "جزائرهم" لم تسع فقط لرصد واقع شخصي، لكنها خلال رحلة بحثها تحكي تاريخ الجزائر بطريقة خلاقة، فتعود لهويتها الأصلية وأصول الأجداد، فهي من جيل لا يعرف الكثير بسبب تجربة الهجرة والنشأة بأوروبا، فوجهت فيلمها للأسر المهاجرة من الوطن العربي وبحثت في أعماق أزمة فقدان الهوية.

حصل فيلم "جزائرهم" على نجمة الجونة كأفضل فيلم عربي وثائقي، وشهادة قيمتها 10 آلاف دولار.

 

"ستاشر" ومشاكل المراهقين

حصل الفيلم المصري "ستاشر"(16) مؤخرا على جائزة "السعفة الذهبية" في المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة بمهرجان كان السينمائي، وجاءت مشاركته بعد غياب مصري لمدة 50 عاماً، ليعلن بعدها عن الفوز بنجمة الجونة كأفضل فيلم عربي قصير، وشهادة بقيمة 5 آلاف دولار.

اختار المخرج سامح علاء فكرة تبدو بسيطة لكنها معقدة في نفس الوقت وهي الأزمات التي يمر بها المراهقون في عمر (16 عاماً) والذي يكمل به تجربته السابقة بفيلم "خمستاشر" (15) التي  شارك به في مهرجان تورنتو 2017.

ولجأ لاستخدام الصورة أكثر من الحوار ليعكس المضمون الذي يريد التعبير عنه، ويعبر عن مشكلة الفئة العمرية الأكثر في مجتمعنا العربي (فئة المراهقين) وما يعانونه من مشاكل ناتجة من عدم الفهم الأسري أو احترام رغباتهم واختياراتهم، وتأثيره في وعيهم مستقبلاً.

المصدر : الجزيرة