أجيال المستقبل.. مهرجان كويتي لتنمية مدارك الأطفال

"أجيال المستقبل" مهرجان كويتي لتنمية مدارك الأطفال والناشئة في الآداب والفنون
"أجيال المستقبل" يرفد الأطفال والناشئة بجرعات ثقافية وأدبية وفنية (الجزيرة نت)

نادية الدباس-الكويت

تعرف مها مطلق المطيري (11عاما) أن للكويت مجموعة جزر تقبع في مياه الخليج العربي، فذلك ما درسته حتى وصولها إلى الصف الخامس في إحدى مدارس وزارة التربية بالكويت.

مها كانت تعرف أن الجزر الكويتية عددها تسعة، لكنها لم تكن تعلم بوجود جزيرة عاشرة هي جزيرة الشويخ التي يعود تاريخها إلى عام 2000 قبل الميلاد، وقد انضمت الجزيرة الآن إلى منطقة الشويخ الصناعية كامتداد عبر جسر بري، وبالتالي لم تعد موجودة كجزيرة.

هذه المعلومات بالإضافة إلى أخرى كثيرة كالتعرف على الحيوانات البرية عن كثب وأهمية عمليات التدوير والمخاطر البيئية، حصلت عليها هي وحوراء أحمد (13 سنة) التي تدرس في الصف السابع في مدارس التعليم العام، وقد حصلتا عليها ضمن المحاضرات التوعوية التي يشتمل عليها "مهرجان أجيال المستقبل" الذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

‪مهرجان أجيال يقدم أنشطة وبرامج متنوعة في شتى مجالات الثقافة والفنون والآداب الهادفة‬ (الجزيرة نت)
‪مهرجان أجيال يقدم أنشطة وبرامج متنوعة في شتى مجالات الثقافة والفنون والآداب الهادفة‬ (الجزيرة نت)

رسائل للأطفال
جدول حافل بالأنشطة وبرامج متنوعة في شتى مجالات الثقافة والفنون والآداب الهادفة، وضعه القائمون على النسخة الثلاثين من المهرجان الممتد على مدى عشرة أيام، وفي فترتين صباحية ومسائية موجهتين للأطفال والناشئة باعتبارها شريحة مهمة في المجتمع، في مسعى لخلق جيل واع ومدرك للتطورات التي يشهدها العالم من خلال العناية بهم.

ووضع القائمون على المهرجان وفق مديرته مريم سالمين خلال حديثها للجزيرة نت، برامج لتزويد هذه الفئة المستهدفة -وهي من سن 4 إلى 17 عاما- بمهارات حياتية تمكنهم من السير بخطوات ثابتة نحو مستقبل أفضل ضمن خطط تحفز الملكات الإبداعية والفكرية، وتطلق قدراتهم وتصقل مواهبهم وتستثمر أوقات فراغهم وفق برامج وأنشطة ثقافية متنوعة تراعي متطلباتهم.

وافتتح المهرجان بمسرحية "اللوحة السحرية" بمشاركة ثلة من الفنانين إلى جانب مجموعة من الأطفال، وحملت في محتواها لوحة تمثيلية موسيقية استعرضت تاريخ المهرجان منذ بداية انطلاقته والإنجازات الثقافية والفنية والأدبية التي شهدها، والتطور الذي طرأ عليه على مدى ثلاثين عاما من عطائه.

وبحسب مديرة المهرجان، فإن أبرز ما يركز عليه هو الورشات التي تنمي مهارات الكتابة والقراءة لدى الناشئة والأطفال وتحفزهم على الانخراط في هذا المجال الأدبي، لتكون النتيجة بروز الكثير من الأطفال المتميزين في نهاية كل مهرجان.

مهرجان أجيال المستقبل ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب (الجزيرة نت)
مهرجان أجيال المستقبل ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب (الجزيرة نت)

كسر الجمود
وهنا أشارت مريم إلى أن الطفل في بداية مشاركته في الورشة يكون منغلقا على نفسه، حيث يدرك في أعماقه أنه قد يكون في مدرسة، لكنه حين يبدأ يستكشف الأجواء العامة التي تواكبها حالة من المرح والمسابقات التي تكسر الجمود، يبدأ العمل بأريحية لتنطلق معها مكنونات نفسه وتتكشف مهاراته وإبداعاته، لتختتم البرامج وتتوج بمجموعة متميزين لا تقل نسبتهم عن 70% من المشاركين.

مريم سالمين تؤكد أن مسؤولية إشراك الأطفال في المجتمعات الثقافية والفنية تقع على كاهل ذويهم، والتي -من وجهة نظرها- تفتح أمامهم آفاق توسيع مداركهم وإبراز قدراتهم، إذ تتفاجأ كثير من الأسر بمواهب أبنائها التي يكتشفها المشرفون خلال فعاليات المهرجان، كالرسم على سبيل المثال.

وتقول إن الأمر الأهم بالنسبة للقائمين على المهرجان هو عملية اختيار الأساتذة المتخصصين الذين يشرفون على هذه الورشات والتي تتم وفق معايير معينة، وهنا تؤكد أن جلهم من حملة شهادة الدكتوراه كي يتقنوا فن تنمية مهارة هذه الشريحة العمرية عبر طريقة تعليم متميزة يستطيع المدرب من خلالها إخراج أفكار وإبداعات الأطفال والناشئة، الذين يجري تقسيمهم إلى فرق متقاربة في العمر والتفكير.

ولم ينس المهرجان ذوي الإعاقة، حيث فتح لهم أبوابه على مصاريعها للمشاركة في جميع فعالياته، فضلا عن تخصيصه فعاليات لبعض شرائحهم تكون متوافقة مع قدراتهم، وقد اختار المهرجان هذا العام فئة أطفال متلازمة "داون" واختار أن يذهب إليهم في جمعيتهم وعقد ورشة خزف استمرت على مدار ثلاثة أيام.

المهرجان يستضيف مثقفين عربا وخليجيين لإلقاء محاضرات توعوية (الجزيرة نت)
المهرجان يستضيف مثقفين عربا وخليجيين لإلقاء محاضرات توعوية (الجزيرة نت)

العمل التطوعي
وضمن أنشطة المهرجان وفعالياته، أقيمت على مسرح مكتبة الكويت الوطنية محاضرة بعنوان "أثر العمل التطوعي في بناء شخصية أجيال المستقبل", قدمتها بشرى بنت يوسف الكندي من سلطنة عمان.

بشرى الحاصلة على البكالوريوس في علم النفس وطالبة الماجستير في الخدمة الاجتماعية، شرحت المفهوم العام للعمل التطوعي وارتباط قيمة المتطوع بالغايات الإنسانية غير المرتبطة برابط الديني أو جنسية بلد وأهميته في النهوض بالمجتمع، حيث أكدت عمله على تعميق الترابط بين أفراد المجتمع ومساهمته في خلق علاقات إنسانية إيجابية، كما رأت فيه استثمارا لقدرات الشباب والناشئين وتنمية شخصياتهم.

وفي حديث خصت به الجزيرة نت، نبهت بشرى الكندي إلى أهمية زرع القيم الإيجابية في نفوس الأطفال والناشئة أو المراهقين، وهو ما سينعكس إيجابا على سلوكياتهم في ظل التحديات الكبيرة التي يعيشها العالم والغزو الفكري والأجهزة الذكية والألعاب الإلكترونية، مشيرة إلى أن الجيل الحالي يعيش حالة من الاستقلالية ويختلف عن الجيل الذي سبقه، وهو ما أثبتته الدراسات.

كذلك فإنها نبهت إلى ضرورة عدم ترك هذه الشريحة دون مراقبة، فالطفل الذي يشاهد مسلسلات أو أفلاما كرتونية عنيفة، أو تلك المتضمنة لمشاهد رعب، سينعكس ذلك مباشرة على سلوكه متمثلا في العنف والعصبية والاستثارة السريعة، في حين أن الأطفال الذين لا يشاهدون مثل تلك الأفلام والمسلسلات يكونون أكثر استقرارا وأعظم تقديرا لذواتهم، وبالتالي يتحلون بشخصيات سوية.

وبحسب بشرى الكندي، فإن المسؤولية الأولى فيما يتعلق بالطفل تقع على الأهل باعتبارهم الركيزة الأولى، لأن هذا الدور ينيطه بهم الشرع والقانون والمجتمع، فعليهم وضع نقاط ضبط وآليات لاتباعها مع الأطفال والمراهقين، فمثلا لا بد من تحديد أوقات معينة للعب أو استخدام شبكة الإنترنت ومعرفة الأشخاص الذين يحتكون بهم في هذا الفضاء الفسيح، وذلك حتى لا يقعوا في فخاخ القراصنة أو سيئي السلوك وبالتالي التعرض للجنوح.

المصدر : الجزيرة