التطبيع الموسيقي.. الدار البيضاء تستضيف المغني ماسياس والمغاربة غاضبون

وقفة سابقة مناهضة للتطبيع امام البرلمان بالرباط
أطلق مغاربة دعوة لمقاطعة حفل ماسياس الشهر المقبل بمناسبة عيد الحب (الجزيرة)

سناء القويطي-الرباط

يواجه المغني اليهودي الفرنسي ذو الأصول الجزائرية إنريكو ماسياس حملة مقاطعة في المغرب بسبب مواقفه الداعمة للجيش الإسرائيلي.

وأطلق مثقفون وأكاديميون مغاربة دعوة لمقاطعة حفل ينتظر أن يحييه ماسياس في الدار البيضاء منتصف شهر المقبل في إحدى دور السينما بمناسبة "عيد الحب" الذي يصادف يوم 14 فبراير/شباط المقبل.

وقالت "الحملة المغربية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل" إن ماسياس أبعد ما يكون عن وصف "فنان من أجل السلام" كما يجري تقديمه، بل هو في الحقيقة مدافع عن الاحتلال الإسرائيلي وعن الجيش بالخصوص، على حد وصف الحملة.

وأشارت إلى أن ماسياس كرمه وزير الدفاع الإسرائيلي في 2006 لدعمه دولة إسرائيل وجيشها خلال مسيرته، كما أن هذا المغني يرعى جمعية "ميكدال" التي تعنى بدعم الجنود المنتمين لوحدة متخصصة في مراقبة الحدود الإسرائيلية، ومعروفة بجرائم الحرب والوحشية تجاه المدنيين. 

‪‬  البوستر الدعائي لحفل إنريكو ماسياس(الموقع الإلكتروني لسينما ميغاراما بالدار البيضاء)
‪‬  البوستر الدعائي لحفل إنريكو ماسياس(الموقع الإلكتروني لسينما ميغاراما بالدار البيضاء)

محاولة فرض التطبيع واقعا
يقود هذه الدعوة اليهودي المغربي المناهض للصهيونية سيون أسيدون، الذي أطلق منذ أشهر حملة للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، انخرط فيها عشرات الإعلاميين والفنانين والكتاب والمثقفين.

وأكد أسيدون للجزيرة نت التفاعل الإيجابي مع دعوة مقاطعة حفل ماسياس عبر الشبكات الاجتماعية، مشيرا إلى أن الكثيرين تقاسموا هذه الدعوة وأعلنوا رفضهم استضافة الدار البيضاء حفلا لفنان يتعاطف ويدعم علنا الصهيونية.

وقال أسيدون إنه ما زال أمام القائمين على الحملة وقت للقيام بخطوات أخرى من أجل إقناع منظمي الحفل بالعدول عنه.

كما استنكر أسيدون الوتيرة المتصاعدة للتطبيع الموسيقي في المغرب، مشيرا إلى أن الحملة رصدت منذ تأسيسها مشاركة فرق تمثل الاحتلال الصهيوني في حفلات فنية، من بينها حضور فرقة أندلسية في مهرجان الأندلسيات المحيطية في مدينة الصويرة، ثم دعوة فرقة من عسقلان للمشاركة في مهرجان الأندلسيات في الدار البيضاء.

وقال إن الجمهور لا يعرف بوجود هذه الفرق ضمن برنامج الحفلات إلا بعد انطلاقها، فيفاجأ باعتلائها الخشبة، وهو ما يعتبره خداعا وكيدا من منظمي هذه الحفلات بهدف فرض الأمر الواقع وتطبيع الجمهور مع تلك الفرق الموسيقية، على حد قوله.

‪سيون أسيدون اليهودي المغربي المناهض للصهيونية‬ (الجزيرة)
‪سيون أسيدون اليهودي المغربي المناهض للصهيونية‬ (الجزيرة)

ولا يقتصر عمل الحملة على رصد الحضور الفني والثقافي للاحتلال الصهيوني في المغرب فقط بحسب أسيدون، بل إنها تتابع تردد فنانين مغاربة بشكل منتظم لإحياء حفلات في فلسطين المحتلة، وأوضح أن القائمين على الحملة يقومون بما يلزم من أجل إقناع هؤلاء بالتراجع عن هذا الطريق.

ويضيف أسيدون أن ارتباط المغاربة الوجداني بكل ما يتعلق بفلسطين معروف للجميع، ولا يمكن لهذه الأشكال التطبيعية أن توحي بعلاقة طبيعية بين المغرب والكيان الصهيوني أو بعدم اهتمام المغاربة بما يحدث في فلسطين من جرائم ضد الإنسانية، بحسب تعبيره. 

الغضب الافتراضي
واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلا مع الدعوة التي أطلقها المثقفون المغاربة وتقاسموا خبرها، معتبرين حضور حفل ماسياس تطبيعا مع إسرائيل ودعما له في مواقفه المعلنة والمؤيدة للصهيونية.

وعلق الناشط المغربي يوسف حجي على صفحته بموقع فيسبوك قائلا "دولة الأغلبية الحكومية الإسلامية بالمغرب تفتح الأبواب لمرتزقة النازية الجديدة، مكان أنريكو ماسياس في مزبلة التاريخ وليس في مسرح بالدار البيضاء النضال والمقاومات".

أما المخرج السينمائي عزيز السالمي فعلق على صفحته "ما هذا الهراء! هل وقعنا على رؤوسنا؟ إنريكو ماسياس يغني في المغرب لصالح بنك للتبرع بالدم في إسرائيل، لا يعقل! لم يكفه أن الجيش الإسرائيلي يقتل أطفالا فلسطينيين كل يوم!!".

وكتب علال بوشيخي "الصهيوني إنريكو ماسياس سيغني في 14 فبراير في الدار البيضاء. أنت حر في الذهاب للتصفيق، ولكن عليك أن تعلم أن جزءا من المال الذي ستدفعه لهذا المساء سيذهب لدعم الجيش الإسرائيلي".

هرولة الدول ومناعة الشعوب
واستنكر أحمد وايحمان رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع ما أسماه "التسيب والأبواب المشرعة للاختراق الصهيوني"، لافتا إلى أن الفعاليات الفنية التطبيعية ليست سوى مظهر من مظاهر هذا الاختراق الذي يطال في حالات أخرى أمن المغرب واستقراره".

‪أحمد وايحمان رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع‬ (الجزيرة)
‪أحمد وايحمان رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع‬ (الجزيرة)

وقال وايحمان في حديث مع الجزيرة نت "إن الأصول العربية لبعض الفنانين الصهاينة لا تعني شيئا، ما داموا اختاروا أن يكونوا قتلة ومرتكبي جريمة احتلال وتشريد شعب، فهؤلاء أعداء يدنسون مقدسات المغاربة في القدس وثالث الحرمين الذي يحظى بمكانة روحية لدى المسلمين"، وفق تعبيره.

ومع ذلك، يرى وايحمان أنه مقابل محاولات الاختراق الصهيوني وهرولة مسؤولين حكوميين في العالم العربي نحو التطبيع مع إسرائيل، هناك مناعة لدى الشعوب، مشيرا إلى دور مثقفين وفنانين وبرلمانيين وإعلاميين في التصدي لهذا الاختراق وفضحه.

جدير بالذكر أن هذه الحملة ليست الأولى التي يواجه فيها المغني المثير للجدل إنريكو ماسياس دعوات لمقاطعة حفلاته، إذ شهدت الجزائر وجزر موريس دعوات مماثلة بسبب دعمه المتواصل لإسرائيل وجيشها.

المصدر : الجزيرة